الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا أمسى الناس ليلة ثلاثين من رمضان على شك من دخول شوال ، فقال رجل : أنا غدا صائم إن كان من رمضان وإن لم يكن من رمضان ، فأنا مفطر فبان أنه من رمضان أجزأه ، وكذلك لو قال : أنا غدا صائم ، فإن كان من رمضان ، فهو فرض وإن كان من شوال ، فهو تطوع ، فبان أنه من رمضان أجزأه لا فرق بينهما ؛ لأنه إن بان من شوال فهو مفطر ، وإن نوى الصوم ، وإنما أجزأه عن فرضه في هاتين المسألتين ، ولم يجزه فيما تقدم ؛ لأن حكم رمضان ثابت له ، ما لم يتيقن زواله بحدوث ما سواه فصار أصلا يستند إليه ، ومثال هذا من الزكاة أن يخرج خمسة دراهم فيقول : هذا زكاة مالي الغائب إن كان سالما ، وإن لم يكن سالما فنافلة فبان سالما أجزأه ؛ لأن الأصل بقاء ماله ما لم يعلم تلفه ، فلو قال : أنا غدا صائم إن كان من رمضان أو مفطر ، فبان أنه من رمضان لم يجزه ؛ لأنه جعل نيته مشتركة بين صومه وفطره ، وكذلك لو قال : أنا غدا صائم فإن بان من رمضان ، فهو فرض أو نافلة لم يجزه ، ومثاله من الزكاة أن يقول : هذا زكاة مالي الغائب ، إن كان سالما ، أو نافلة لا يجزئه وإن كان سالما ؛ لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص ، وإنما جعلها مشتركة بين فرض ونافلة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية