الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن قدم رجل من سفر نهارا مفطرا كان له أن يأكل حيث لا يراه أحد ، وإن كانت امرأته حائضا فطهرت كان له أن يجامعها ، ولو ترك ذلك كان أحب إلي " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا قدم رجل نهارا من سفره ، وكان قد أفطر في أول يومه ، فله أن يأكل في بقية اليوم ، وإن صادف امرأته قد طهرت من حيضها فله أن يجامعها ، لكن يستتر بهذا الفعل خوفا من التهمة والتعريض للعقوبة ، ولا يلزمه إمساك بقية هذا اليوم ، ولو فعل كان حسنا ، وقال أبو حنيفة : عليه أن يمسك بقية يومه ؛ تعلقا بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل العوالي في يوم عاشوراء فقال : " من أكل فليمسك ، ومن لم يأكل فليصم " فأمرهم بالإمساك مع تقدم الفطر .

                                                                                                                                            قال : ولأن كل معنى لو وجد في ابتداء الصوم لزمه إمساك ذلك اليوم فإذا وجد في أثنائه لزمه إمساك بقيته .

                                                                                                                                            أصل ذلك : إذا أصبح يوم الثلاثين من شعبان على شك ، ثم علم أنه من رمضان ، وهذا خطأ ؛ لأن كل من جاز له الأكل في أول النهار مع العلم بالصوم ، فإذا أفطر لم يلزمه أن يمسك بقية يومه . أصله الحائض إذا طهرت أو السفر إذا اتصل ، فأما حديث عاشوراء فقد كان تطوعا وأمروا بإمساكه استحبابا ، ولو صح وجوبه لم يكن فيه دليل لأنهم لو علموا وجوبه ، قبل الأكل لزمهم الصوم فشابه يوم الشك الذي يلزمهم إمساك بقيته إذا علموا أنه من رمضان ؛ لأن هذا العلم لو تقدم لزمهم الصوم ، ولم يجز الفطر وليس كذلك المسافر ؛ لأن الفطر له جائز والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية