فصل : فأما الحجامة فلا تفطر الصائم ، ولا تكره له وهو قول أكثر الصحابة والفقهاء ، وحكي عن علي بن أبي طالب وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم ، ومن التابعين الحسن وعطاء ، ومن الفقهاء الأوزاعي وأحمد وإسحاق : أن الحجامة تفطر الصائم تعلقا بما روي " رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يوم الثامن عشر من رمضان برجل يحتجم فقال صلى الله عليه وسلم : " أفطر الحاجم والمحجوم ثوبان وأبو هريرة وأنس بن مالك وشداد بن أوس ورافع بن خديج ، ولأنه دم يخرج من البدن معتاد ، فجاز أن يفطر به كدم الحيض ، ودليلنا رواية ابن عباس ولرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في حجة الوداع وهو محرم صائم أبي سعيد الخدري الحجامة للصائم ولرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " ولرواية ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام أنس بن مالك بجعفر بن أبي طالب ، وهو يحتجم فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " ثم رخص بعده في الحجامة فكان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر أنس يحتجم وهو صائم ، ولأن كل موضع لا يفطر بالواصل إليه ، لا يفطر بالخارج منه ، أصله الفصاد ، وعكسه القيء ، وأما خبرهم ففيه وجهان :
أحدهما : أنه منسوخ يدل عليه حديث أنس وأبي سعيد ؛ لأن هذا الخبر ورد عام الفتح سنة ثمان وخبرنا في حجة الوداع سنة عشر والمتأخر أولى .
والجواب الثاني : أن قوله صلى الله عليه وسلم يعني بغير الحجامة كأنه علم تقوم فطرهما ، أو رآهما يغتابان فقال : أفطر بمعنى أنه سقط ثوابهما ، أو علم بهما ضعفا علم أنهما يفطران معه ، وإنما تأولناه بهذا ؛ لأنه ضم الحاجم إليه . " أفطر الحاجم والمحجوم "
وأما قياسهم فمنتقض بالفصاد ، ثم المعنى في الحيض أن الواصل إلى مكانه يقع به الفطر .