الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وللسيد في الرهن أن يستخدم عبده " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : فأما منافع الرهن فهي ملك لراهنه دون مرتهنه وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله ، وإذا كانت على ملك راهنه فله أن يؤاجر الرهن ليكون المستأجر مستوفيا لمنافعه ، وكذلك له أن يعيره ليتولى المستعير استيفاء منافعه ، فأما إذا أراد أن يتولى استيفاء منافعه بنفسه حتى إذا كانت دارا سكنها وإن كانت دابة ركبها وإن كان عبدا استخدمه ، فقد قال الشافعي في الرهن الصغير والرهن القديم : ليس له ذلك إلا بإذن المرتهن ، وقال في الجديد وسائر كتبه : له ذلك بإذن المرتهن وبغير إذنه ، واختلف أصحابنا فكان بعضهم يخرج ذلك على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو ما نص عليه في القديم والرهن الصغير ليس له أن يستوفي منافع الرهن وله أن يؤاجره ويعيره لأن الرهن إذا عاد إلى يده لم يؤمن منه جحود مرتهنه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو ما نص عليه في الجديد وسائر كتبه ، له أن يستوفي منافع الرهن بنفسه كما يستوفيها غيره بإجارته وإعادته ولو جاز أن يمنع من عوده إلى يده خوفا من جحود مرتهنه لجاز أن يمنع من خروجه إلى يد مستأجره ، على أن يد المرتهن لا توجب قبول قوله عند جحود راهنه .

                                                                                                                                            وقال آخرون من أصحابنا : ليست المسألة على قولين وإنما هي على اختلاف حالين ، فالموضع الذي منعه من استيفاء منافع الرهن بنفسه إذا كان غير أمين عليه وكان الجحود غير مأمون منه ، والموضع الذي جوز له استيفاء منافع الرهن بنفسه إذا كان أمينا عليه وكان الجحود مأمونا عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية