الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أصاب المرتهن بعد القبض بالرهن عيبا فقال كان به قبل القبض فأنا أفسخ البيع ، وقال الراهن بل حدث بعد القبض فالقول قول الراهن مع يمينه إذا كان مثله يحدث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال إذا وجد الرهن معيبا ، فادعى المرتهن تقدم العيب ليفسخ به البيع ، وادعى الراهن حدوثه ليمنع المرتهن من فسخ البيع ، فلا يخلو حال العيب من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : ألا يمكن حدوث مثله بعد القبض كالأصبع الزائد ، فالقول قول المرتهن في تقادم العيب بلا يمين لعلمنا بصدقه وكذب الراهن ، فإن ادعى الراهن أن المرتهن كان عالما بهذا العيب لم تسمع منه هذه الدعوى : لأنه بادعائه حدوث العيب في يد المرتهن مكذب لنفسه فيما يدعيه من تقدم علم المرتهن .

                                                                                                                                            والحال الثانية : ألا يمكن تقدم مثله قبل القبض كالشجة الدامية إذا وجدت به في الحال ، وقد تقدم قبض الرهن سابقا فالقول قول الراهن بلا يمين ، لعلمنا بصدقه وكذب المرتهن ، وليس للمرتهن فسخ البيع .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يمكن حدوث مثله بعد القبض ويمكن تقدمه قبل القبض ، فإن كانت لأحدهما بينة تشهد له بما يدعيه عمل عليها .

                                                                                                                                            والبينة شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، وإن لم يكن لأحدهما بينة ، فالقول قول الراهن مع يمينه لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن المرتهن بدعواه يريد فسخ عقد قد ثبت ، فلم يقبل منه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يدعي تقدم عيب لم يشاهده إلا في يده فلم يقبل منه .

                                                                                                                                            فإن حلف الراهن ، لم يكن للمرتهن فسخ ، وإن نكل الراهن ردت اليمين على [ ص: 185 ] المرتهن ، فإن حلف ثبت له الفسخ ، وإن نكل المرتهن أيضا لم يكن له الفسخ ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية