مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وليس للسيد أخذها للخدمة خوفا أن يحبلها " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن منافع الرهن للراهن ، وهو غير ممنوع منها ما لم يكن فيها سبب يفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن ، أو إلى النقصان فيها ، فإذا فلها منفعتان ، استخدام واستمتاع فأما الاستخدام فهو غير ممنوع : لأنه لا يفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن ولا إلى النقصان فيها . كان الرهن أمة
وأما الاستمتاع فإن كانت ممن يخاف حبلها فهو ممنوع من الاستمتاع بها ، لأن حبلها [ ص: 215 ] يفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن فيها ، وإن كانت ممن لا يخاف حبلها لصغر أو إياس ، ففي جواز الاستمتاع بها وجهان :
أحدهما وهو قول أبي إسحاق المروزي : يجوز استمتاعه بها ولا يمنع منه ، لأنها منفعة لا تفضي إلى إبطال وثيقة المرتهن منها ولا إلى النقصان فيها ، وتعليل الشافعي يقتضيه .
والوجه الثاني وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، أنه يمنع من الاستمتاع ، لأن عادة النساء في زمان الحمل مختلفة ، فربما أسرع إليها بقوة الطبع وفرط الحرارة ، وربما تأخر لضعف الطبع وكثرة البرودة ، فكان حسم ذلك لاختلافه خوفا من حدوث الإحبال أولى .
كما أن طباع الناس لما كانت تختلف في السكر ، فمنهم من يسكر بالقليل ، ومنهم من لا يسكر به ، منع من قليله وكثيره .
فإذا تقرر هذان الوجهان ، فإن قيل : إنه ممنوع من الاستمتاع بها ، لم يجز أن يخلو بها في الاستخدام لها خوفا من مواقعتها ، سواء كانت جميلة أم لا ، إلا أن يأذن المرتهن فيجوز ، لأن هذا المنع ليس لحق الله تعالى كمنع المرتهن ، فإذا أذن جاز .
فإذا قيل : إنه غير ممنوع من الاستمتاع ، جاز أن يخلو بها في الاستخدام لها ، لأن أكثر ما يخاف من الخلوة بها أن يطأ ، والوطء مباح له ، والله أعلم .