الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا فإذا قلنا : إنه لا رجوع للبائع بالأرض بيعت مع الغراس والبناء في ملك المفلس وكان البائع أسوة الغرماء في ثمنها ، وإن قلنا : إن للبائع أن يرجع بالأرض فإذا رجع بها فإن رضي أن تباع مع الغراس والبناء - بيعت مع ذلك ودفع إلى البائع ما قابل ثمن الأرض ودفع إلى الغرماء ما قابل ثمن الغراس والبناء - وهل يدفع إلى البائع نصف ما قابل ثمن الأرض بيضاء أو ما قابل ثمنها مع البناء والغراس ؟ على وجهين حكاهما ابن أبي هريرة :

                                                                                                                                            أحدهما : يدفع إليه ما قابل ثمن الأرض مع البناء والغراس ليكون النقص داخلا عليهما ، لأن المشتري غير متعد بغرسه وبنائه ، فلم يجز أن ينفرد بالنقص دون غيره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو أصح - أنه يدفع إلى البائع ما قابل ثمن الأرض بيضاء ليكون النقص إن كان داخلا على المشتري ـ كما يكون النقص في الثوب المصبوغ ـ داخلا عليه ؛ لأن المشتري غير مدعو بغرس وبناء فلم يجز أن ينفرد بالنقص دون غيره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو أصح : أن يدفع إلى البائع ما بلغت الأرض بيضاء ليكون النقص إن كان داخلا على المشتري ـ كما يكون النقص في الثوب المصبوغ ـ داخلا عليه ، ولأن الشافعي قد قال : إن المفلس والغرماء إن اتفقوا على قلع الغراس والبناء لزمهم أن يغرموا نقص الأرض بقلع ذلك ، فأما إن امتنع البائع من بيع الأرض مع الغراس والبناء فهل يجبر البائع على البيع أم لا ؟ على قولين حكاهما ابن سريج :

                                                                                                                                            أحدهما : يجبر على بيع الأرض مع الغراس والبناء كما يجبر على بيع الجارية مع ولدها ، وكما يجبر على بيع الثوب مع صبغه .

                                                                                                                                            والقول الثاني وهو أصح : يجبر على بيع الأرض ويباع البناء والغراس منفردا لإمكان إفراده بالبيع عقدا - بخلاف الصبغ - وشرعا - بخلاف الولد - ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية