مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " " . وإذا حجر الإمام عليه لسفهه وإفساده ماله أشهد على ذلك
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن حجر السفه لا يثبت إلا بحكم حاكم بخلاف حجر الصغر والجنون ، لأن ثبوت السفه يكون باجتهاد فلم يثبت إلا بحكم حاكم ، والصغر والجنون لا اجتهاد فيه وهو بالنص ، فثبت بغير حكم ، وسواء كان للسفيه أب وأم ، فإذا ثبت عند الحاكم من سفهه ما يستحق به الحجر عليه حجر عليه .
وحجر السفه أعم من حجر الفلس ، لأن حجر الفلس يختص بماله دون عقوده التي لا تعلق لها بماله ، وحجر السفه عام في جميع عقوده ، فيقول في السفه : قد حجرت على فلان ، بخلاف الفلس في الوجهين الماضيين ؛ لأن لفظ الحجر أعم .
فإذا حجر عليه قولا على ما مضى أشهد على نفسه بالحجر عليه ، وهل ذلك شرط في ثبوت الحجر عليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يفتقر إلى الشهادة لأن الحجر حكم ، وثبوت الحكم لا يفتقر إلى الإشهاد كسائر الأحكام .
والوجه الثاني وبه قال أبو علي بن أبي هريرة : أن الحجر لا يصح إلا بالإشهاد عليه ؛ لأن المقصود بالحجر إظهار منعه من التصرف في ماله ليتحفظ الناس من معاملته ، وهذا المعنى لا يحصل إلا بالإشهاد .
فعلى هذا لا يتم الحجر قبل الإشهاد ، ويكون جائز التصرف ، فإذا أشهد فقد تم الحجر .
ويختار له بعد الإشهاد أن ينادي في الناس بإيقاع الحجر عليه ليكون أشهر لأمره .
[ ص: 359 ] فإن لم يناد فيهم بالحجر عليه جاز وكان تصرفه بعد الإشهاد مردودا ، وسواء أظهر الشاهدان ذلك أو كتماه ، والله أعلم .