مسألة : قال المزني رضي الله عنه : " وإن مات أحدهما انفسخت الشركة وقاسم وصي الميت شريكه ، فإن كان الوارث بالغا رشيدا فأحب أن يقيم على مثل شركته كأبيه فجائز " .
قال الماوردي : وهو كما قال ، بمعنى بطل الإذن بالتصرف لأن العقود الجائزة تبطل بالموت كالوكالة ، وإذا كان كذلك فلا يخلو أن يكون على المتوفى ديون ووصايا أو لا يكون عليه ديون ولا وصايا ، فإن لم يكن عليه ديون ولا وصايا فلا يخلو حال الوارث من أن يكون جائز الأمر أو غير جائز ، فإن كان جائز الأمر بالبلوغ والرشد فهو بالخيار في مال الشركة بين ثلاثة أشياء : إما أن يقاسم عليها فتمتاز حصته فيتصرف فيها ، وإما أن يترك المال مشتركا على حاله من غير أن يأذن للشريك بالتصرف فيه ، وإما أن يقيم على الشركة ويأذن للشريك بالتصرف فيه فيصير شريكا كما كان شريكا لمورثه ، فأي هذه الثلاثة فعل كان له ذلك ، سواء فيه كان فيه الحظ أو في غيره لأن من جاز أمره نفذت عقوده وإن لم يكن فيها حظ له ، ويختار لهذا الوارث إذا أحب المقام على الشركة أن يعلم قدر المال الذي ورثه عن ميته قبل الإذن في التصرف فيه خوفا من ظهور دين يتعلق بالشركة فيعلم قدره [ ص: 485 ] ليمتاز عما ملكه الوارث من ربحها الذي لا يتعلق بالذي له ، فإن لم يفعل جاز لأن التخوف من ظهور الدين ملغى باعتبار " الأصل براءة الذمة " . إذا مات أحد الشريكين انفسخت الشركة
فإن قيل الشركة عقد فكيف يصح مع الجهل بقدر المال المعقود عليه ؟ قيل : إنما يلزم العلم بقدر نصيب كل واحد من الشريكين من جملة المال من نصف أو ثلث أو ربع ولا يلزم معرفة وزنه ، ألا ترى لو أن رجلين اشتركا ووضع أحدهما دراهم في كفة ميزان ، ووضع الآخر بإزائها واشتركا بها ، واتجرا من غير أن يعلما وزنها صحت الشركة للعلم بحصة كل واحد منهما من الجملة كذلك الوارث في التركة .