الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثالثة : أن يوكله في الحد والقصاص بعد إثباته ، فإن كان الموكل حاضرا عند استيفائه صحت الوكالة ، وإن كان غائبا فظاهر كلام الشافعي هاهنا أنه لا يجوز ، وقال في كتاب الجنايات ما يدل على جوازه وهو قوله : ولو أذن له أن يقتص فتنحا به ثم عفا الموكل وقتل الوكيل من غير أن يعلم به ففيه قولان ، فاختلف أصحابنا فكان أكثرهم يخرجون المسألة على قولين لاختلاف قوله في الموضعين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا يجوز احتياطا للدماء في فوات استدراكها إن حدث من الموكل عفو عنها وأنه إن حضر كان أرق قلبا في العفو عنها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو أصحهما أن ذلك جائز لأن ما صح فيه التوكيل مع حضور الموكل صح فيه التوكيل مع غيبة الموكل قياسا على تثبيت القصاص ، ولأن ما صح التوكيل في إثباته صح التوكيل في استيفائه كالأموال .

                                                                                                                                            وقال آخرون منهم أبو إسحاق المروزي : إن التوكيل في استيفائه يجوز قولا واحدا على ما ذكرنا ، وحمل ما اقتضاه ظاهر كلامه هاهنا على المنع إذا كان التوكيل في إثباته وحده .

                                                                                                                                            وقال آخرون بل لا يجوز قولا واحدا وحملوا كلام الشافعي في الجنايات على جوازه مع حضور موكله ، وأن معنى قوله فتنحا به عن قرب موكله إلى حيث يستوفي له على بعد منه وهو شاهده ، فيمكن بالمشاهدة والحضور استدراك عفوه والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية