الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : لزوم العقد

                                                                                                                                            وأما الشرط الثالث وهو لزوم العقد : فهو معتبر في لزومه لأهل العمل وليس بشرط في لزومه للمولي والمولى لأنه في حقهما من العقود الجائزة دون اللازمة لأنها استنابة كالوكالة . ولا يلزم في حق المستنيب ولا في حق المستناب .

                                                                                                                                            ويجوز للمولي أن يعزله إذا شاء .

                                                                                                                                            والأولى بالمولي أن لا يعزله إلا من عذر .

                                                                                                                                            وأن لا يعزل المولى نفسه إلا لعذر .

                                                                                                                                            فإن كان العزل من المولي إشاعة حتى لا ينظر المولى بعد العزل فإن نظر بعده وقبل علمه بالعزل كان في نفوذ أحكامه وجهان كعقد الوكيل بعد عزله وقبل علمه .

                                                                                                                                            وإن كان الاعتزال من المولى إشاعة ليقلد المولي غيره فإن حكم بعد اعتزاله رد حكمه .

                                                                                                                                            فأما أهل العمل فالتقليد لازم في حقوقهم بإظهار الطاعة والتزام الحكم .

                                                                                                                                            فإن امتنعوا من التزامه لعذر أوضحوه وإن كان لغير عذر أرهبوا .

                                                                                                                                            فإن أقاموا على الامتناع حوربوا لأن التزام القضاء من الفروض فإذا امتنعوا من التزامه حوربوا عليه كما يحاربون على امتناعهم من الفروض ، ولزوم الطاعة صحة التقليد .

                                                                                                                                            وعلمهم بها مختلف بقربهم وبعدهم .

                                                                                                                                            فإن بعدوا من أن يشيع خبر التقليد فيهم أشهد المولى على نفسه شاهدين بالتقليد والعهد الذي تضمنته الولاية بعد قراءته عليهما وعلمهما بما فيه حتى يشهدا به عند أهل العمل ، فإن عرفوا عدالتهما لزمتهم الطاعة وإن لم يعرفوها لم تلزمهم الطاعة حتى يكشفوا عن العدالة .

                                                                                                                                            [ ص: 24 ] وإن لم يشهد بها شاهدان وورد القاضي المولى فأخبرهم بولايته لا تلزمهم الطاعة إن لم يصدقوه .

                                                                                                                                            وفي لزومها لهم إن صدقوه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : تلزمهم لأنهم اعترفوا بحقه عليهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا تلزمهم لما يتضمنها من إقرارهم على المولى .

                                                                                                                                            وإن كان العمل قريبا من المولى أشاع الولاية حتى يستفيض بها الخبر .

                                                                                                                                            وفي اكتفائه بالإشاعة عن الشهادة وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكتفي بها لأنها أوكد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يكتفي بها حتى يشهد لأن الشهادة أخص .

                                                                                                                                            فإن جعلت الإشاعة كافية لزمت الطاعة وإن لم تجعل كافية لم تلزم الطاعة .

                                                                                                                                            وليس كتب العهد شرطا في التقليد ، قد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم كتابا ولم يكتب لمعاذ ، واقتصر على وصيته وإنما يراد العهد ليكون شاهدا بما تضمنه من صفات التقليد وشروطه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية