الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : هل يحكم القاضي في التزكية بأصحاب المسائل أو بأهل الخبرة ؟ .

                                                                                                                                            فإذا ثبت أنها شهادة محضة يحكم فيها بشهادة شاهدين فقد اختلف أصحابنا : هل يحكم القاضي في تعديلهم وجرحهم بأصحاب مسائله ؟ أو بمن عدلهم وجرحهم من جيرانه وأهل الخبرة بهم ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن أصحاب مسائله هم الشهود عنده بالتعديل والجرح ، وهم المتحملون عن الجيران وأهل الخبرة ما ذكروه من التعديل والجرح .

                                                                                                                                            وهذا هو الظاهر من مذهب الشافعي ، وقول الأكثرين من أصحابه .

                                                                                                                                            فعلى هذا يجوز أن يكون ما يسمعه أصحاب المسائل من الجيران وأهل الخبرة بلفظ الخبر دون الشهادة : لأن الشهادة مختصة بالحكام .

                                                                                                                                            ولا يعتبر فيهم العدد .

                                                                                                                                            ويعتبر أن يقع في نفوس أصحاب المسائل صدق المخبر فيما ذكره من تعديل وجرح فربما وقع في نفسه صدق الواحد فجاز أن يقتصر عليه وربما ارتاب بالاثنين فلزمه أن يستزيد .

                                                                                                                                            ويجوز لأصحاب المسائل أن يسألوا الجار : من أين علمت تعديله وجرحه ؟ ولا يجوز للحاكم أن يسأل أصحاب المسائل من أين علمتم الجرح والتعديل ؟ .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي .

                                                                                                                                            أن الذي يشهد بالتعديل والجرح هم من عرفهما من الجيران وأهل الخبرة ، ويكون أصحاب مسائله رسلهم فيها : لأن الشهادة بذلك مسموعة من أهل المعرفة الباطنة ، وهم الجيران وأهل الخبرة دون أصحاب المسائل ، ولأن شهادة أصحاب المسائل كالشهادة على الشهادة ، وهي لا تسمع مع القدرة على شهود الأصل .

                                                                                                                                            [ ص: 189 ] فعلى هذا إذا جعلنا أصحاب المسائل رسل من عدل وجرح ، كان ما يذكره أصحاب مسائله خبرا يجوز أن يقتصر فيه على قول الواحد بلفظ الخبر دون الشهادة ، ويسموا للحاكم من عدل وجرح ، ثم تسمع الشهادة بالتعديل والجرح من الجيران وأهل الخبرة على شرط الشهادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية