الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : القول في المحاضر والسجلات .

                                                                                                                                            فأما صفة المحضر والسجل فللقضاة فيهما عرف وشروط معتبرة ينبغي أن تكون متبعة لما في الخروج عن عرفهم وعادتهم فيها من توجه الظنون ووقوع الاشتباه .

                                                                                                                                            فأما المحضر : فهو حكاية الحال وما جرى بين المتنازعين من دعوى وإقرار وإنكار وبينة ويمين .

                                                                                                                                            فأما السجل : فهو تنفيذ ما ثبت عنده وإمضاء ما حكم به فهذا فرق ما بين المحضر والسجل .

                                                                                                                                            فإن ذكر في المحضر تنفيذ الحكم جرى مجرى السجل في المعنى وإن خالفه لفظه في الابتداء واستغنى به عن السجل ، وإن ذكر السجل حكاية الحال جرى مجرى المحضر في المعنى وإن خالف لفظه في الابتداء واستغنى به عن المحضر وإن كان الأولى أن لا يعدل بواحد منهما عن موضوعه : لأن المقصود بالمحضر أن يتذكر به الحاكم ما جرى بين المتنازعين ليحكم فيه بموجب الشرع ، والمقصود بالسجل أن يكون حجة بما نفذ به الحكم . فلذلك وجب الفرق بينهما بتمييز كل واحد منهما عن الآخر .

                                                                                                                                            وصفة المحضر أن يكتب : حضر القاضي فلان بن فلان ، وهو يومئذ قاضي عبد الله الإمام فلان على بلد كذا في مجلس حكمه وقضائه في موضوع كذا . وسواء كان المحضر على إقرار أو بينة .

                                                                                                                                            [ ص: 205 ] وقال أبو حامد الإسفرايني : إن كان على إقرار لم يذكر مجلس حكمه ، وإن كان في بينة ذكر : لأن سماع البينة حكم ، وليس في الإقرار حكم .

                                                                                                                                            وليس لهذا الفرق بينهما وجه : لأن الدعوى لا يسمعها القاضي إلا في مجلس حكمه ، لأنه يتعلق بالإقرار إلزام ، والإلزام حكم .

                                                                                                                                            ثم يذكر اسم المدعي . واسم المدعى عليه ، وما جرى بينهما ، من قدر الدعوى ، وما تعقبها من إقرار ، أو إنكار ، ويمين ، أو نكول ، أو سماع بينة .

                                                                                                                                            ويعلم القاضي فيه بعلامته التي عرف بها .

                                                                                                                                            وإن أشهد فيه كان أوكد وأحوط ، ويسلمها إلى المحتج بها ، ويجعل مثلها في ديوانه .

                                                                                                                                            وأما السجل فيبدأه بالشهادة ، كما ابتدأ المحضر بالحضور ، فيكون أول السجل :

                                                                                                                                            هذا ما أشهد عليه القاضي فلانا على ما قدمناه ، ويذكر في مجلس حكمه وقضائه ، فإن كان إسجالا بمحضر كتب نسخته ، وإن كان إسجالا بما تضمنه كتاب ، من ثبوت ملك فيه ، كتب نسخته ، وذكر بعده إنفاذ حكمه به ، واستوفاه على شروطه ، وأشهد بما فيه على نفسه .

                                                                                                                                            وللمحاضر والسجلات كتب هو أحق بها من كتابنا هذا الموضوع لفقه الأحكام دون مواضعات الشروط ، وربما أفردنا لذلك كتابا بمشيئة الله .

                                                                                                                                            ولا بد للإسجال من شهادة لما تضمنه من إنفاذ الحكم بما فيه . وقد يكون المحضر في الأغلب بغير شهادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية