الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يحكم لحاضر على حاضر بحق غائب ، فهذا يكون في الأعيان دون الذمم ، وهذا مما يكتب بمثله القضاة .

                                                                                                                                            وثبوت استحقاقه قد يكون من أحد ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقر به المطلوب .

                                                                                                                                            والثاني : أن يثبت بيمين الطالب بعد نكول المطلوب .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون ببينة شهدت به للطالب على المطلوب .

                                                                                                                                            فإن ثبت الاستحقاق بإقرار المطلوب كان القاضي فيما يكتب به من حكمه مخيرا بين أن يذكر ثبوت استحقاقه بإقراره أو لا يذكر : لأن المقر لو أقام بينة باستحقاقه لم تقبل منه .

                                                                                                                                            [ ص: 216 ] وإن ثبت الاستحقاق بيمين الطالب بعد نكول المطلوب لزم القاضي فيما يكتب به من حكمه أن يذكر ثبوت ذلك عنده بيمين الطالب بعد نكول المطلوب : لأن المطلوب لو أقام بينة قبلت منه .

                                                                                                                                            وإن ثبت الاستحقاق ببينة شهدت به على المطلوب ففي وجوب ذكرها في كتاب القاضي وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يلزمه ذكر البينة ، ويكون فيه مخيرا ، كالإقرار .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يلزمه ذكر الحكم بالبينة ، لأنه قد يجوز أن يعارضها المطلوب ببينة أخرى فيكون بيده وببينته أحق من بينة بغير يد .

                                                                                                                                            والقاضي بالخيار بين أن يسمي شهود البينة أو لا يسميهم إذا وصفهم بالعدالة .

                                                                                                                                            فإن لم يصفهم بها فهل يكون الحكم بهم تعديلا أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : إن ذكره للحكم بشهادتهم تعديل يغني عن ذكر عدالتهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا بد أن يصفهم بالعدالة وبما يجوز به قبول الشهادة ؛ لأنه قد يجوز أن يكون حكم بظاهر التوسم والسمت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية