الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ما يمضيه القاضي المكتوب إليه من حكمه .

                                                                                                                                            وأما الفصل الرابع : وهو فيما يمضيه القاضي المكتوب إليه من حكمه ، فكتابه على ضربين

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مقصورا على نقل ما ثبت عنده من إقرار وشهادة ، فيثبت بالكتاب عند الثاني ما ثبت عند الأول من إقرار أو شهادة ، ويتولى الثاني إنفاذ الحكم فيه برأيه واجتهاده ، فإن اختلف اجتهادهما فيه ، كان محمولا على اجتهاد الثاني دون الأول ، لاختصاص الثاني بتنفيذ الحكم فيه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الكتاب مشتملا على ذكر الشهادة وإمضاء الحكم بها ، فلا يخلو حال حكمه عنده من ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون عنده جائزا ، لا يخالفه فيه ، فعليه أن يمضيه لطالبه ويأخذ المطلوب بأدائه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون عنده باطلا لا مساغ له في الاجتهاد ، فعليه أن ينقضه .

                                                                                                                                            فإن اقترن به حق الله تعالى ، كالنكاح ، والطلاق ، نقضه وإن لم يطالب بنقضه ، وإن تفرد بحقوق الآدميين ، لم يكن له نقضه إلا أن يطالبه المحكوم عليه بنقضه .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يكون حكمه محتملا للاجتهاد ، لتردده بين أصلين أداه اجتهاده فيه إلى غير ما حكم به الكاتب ، فليس له أن يمضيه ، لاعتقاده أنه باطل وليس له أن ينقضه ، لاحتماله في الاجتهاد ، وليس له أن يأخذ المطلوب بأدائه : لأنه غير [ ص: 228 ] مستحق عنده وليس له أن يمنع الطالب منه ، لنفوذ الحكم به ، وقال للمطلوب : لست أوجبه عليك ، ولا أسقطه عنك ، وقال للطالب : لست أوجبه لك ، ولا أمنعك منه ، فإن تراضيتما أمضيته على مراضاتكما ، وإن تمانعتما تركتكما على تنازعكما ، وقطعت التنافر بينكما . ويخرج في هذه القضية أن يكون فيها حاكما أو مستوفيا .

                                                                                                                                            فهذه جملة ما ضمناه عقد الباب من الأقسام والأحكام ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية