[ ص: 245 ] باب القسام  
مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله : " وينبغي أن يعطى  أجر القسام من بيت المال   لأنهم حكام " .  
قال  الماوردي      : والأصل في الحكم بالقسمة قول الله تعالى :  وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه      " [ النساء : 8 ] .  
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  إن الله تعالى لم يرض في قسمة الأموال بملك مقرب ولا بنبي مرسل حتى تولى قسمتها بنفسه     " .  
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة  بدر   بشعب من شعاب  الصفراء   ، وقسم غنائم  خيبر   على ثمانية عشر سهما ، وقسم غنائم  حنين   بأوطاس   ، وقيل :  بالجعرانة      .  
واختصم إليه رجلان في مواريث تقادمت وتدارست فقال :    " اذهبا فاقتسماها واستهما وتحالا "  ، وقد كان للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم قسام وكان قاسم  علي   رضي الله عنه  عبد الله بن يحيى   يعطيه رزقه من بيت المال .  
ولأن بالناس إلى قسمة المشترك حاجة فلم يجدوا بدا من قاسم ينصفهم في الحقوق ، وإذا كان كذلك فقد قالالشافعي      : القسام حكام ، وإنما كانوا حكاما لأمرين :  
أحدهما : أنهم قد يوقعون القسمة جبرا كما يجبر الحكام في الأحكام .  
والثاني : أنهم يستوفون الحقوق لأهلها كاستيفاء الحكام .  
ولئن كانوا حكاما لهذين الأمرين فإنهم يخالفون حكام الأحكام من وجهين :  
أحدهما : أن حكم القسام مختص بالتحري في تمييز الحقوق وإقرارها ، وحكم الحكام مختص بالاجتهاد في أحكام الدين وإلزامها .  
والثاني : استعداء الخصوم يكون إلى الحكام دون القسام ؛ لأن للحكام ولاية يستحقون بها إجابة المستعدي وليس للقسام ولاية ولا عدوى .  
وإنما يقسمون بأمر الحكام لهم أو لتراضي الشركاء بهم فصاروا في القسمة أعوان الحكام ، فلزم الحاكم أن يختار لنظره من القسام من تكاملت فيه  شروط القسمة   ، وهي ثلاثة :  
أحدها : العدالة : لأنه حاكم مؤتمن ، فلا يجوز أن يكون عبدا ولا فاسقا .  
والثاني : قلة الطمع ونزاهة النفس حتى لا يرتشي فيما يلي ويحوز .  
والثالث : علمه بالحساب والمساحة : لأنه مندوب لهما وعامل بهما ، واعتبار هذين في القاسم كاعتبار العلم في الحاكم فإذا عرف تكامل هذه الشروط الثلاثة فيه عين على اختياره وندبه للقسمة في عمله .  
 [ ص: 246 ] تعدد القسام      .  
فإن اكتفى عمله بقاسم واحد . وإلا اختار ممن يحتاج إليه العمل ، من ثان ، وثالث ليغني المقتسمين عن اختيار القسام فقد يضعف كثير منهم عن الاجتهاد في اختيارهم .  
أجرة القاسم .  
وينبغي أن تكون أجور هؤلاء القسام من بيت المال : لأن عليا رزقهم منه ، ولأنهم مندوبون للمصالح العامة ، فاقتضى أن تكون أجورهم من أموال المصالح .  
فإن كثرت القسمة واتصلت فرضت أرزاقهم مشاهرة في بيت المال من سهم المصالح وإن قلت أعطوا منه أجرة كل قسمة .  
فإن  عدل المقسمون عنهم إلى قسمة من تراضوا به من غيرهم   جاز ، ولم يعترض عليهم ، وجاز أن يكون من ارتضوه عبدا ، أو فاسقا ، وكانت أجرته في أموالهم ولم تكن في بيت المال .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					