الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : أجرة القسام .

                                                                                                                                            وأما أجرة القسام فللمقتسمين فيها أربعة أحوال :

                                                                                                                                            إحداها : أن يتفقوا فيها على أجرة معلومة ، فليس له غيرها ولا عليهم أكثر منها .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يتفقوا على التطوع بالقسمة فلا أجرة للقاسم .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يتفقوا على أجرة مجهولة ، أو أجرة فاسدة ، فتكون للقاسم أجرة مثله .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن لا يجري للأجرة ذكر ، فلا يكون من المقتسمين بذل ، ولا من القاسم طلب ، فينظر في القسمة ، فإن كان الحاكم قد أمر بها ، وجب للقاسم أجرة مثله .

                                                                                                                                            [ ص: 248 ] وإن كان المقتسمون قد دعوا إليها ، ففي وجوب الأجرة ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : وهو الظاهر من مذهب الشافعي لا أجرة له : لأنه بذلك عمله من غير شرط .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب المزني ، له الأجرة : لأنهم استهلكوا عمله من غير استحقاق .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أن يعتبر حال القاسم ، فإن جرت عادته بأخذ الأجرة استحقها وإن لم تجر عادته بأخذها لم يستحقها ، لأن العرف في حقهما كالشرط .

                                                                                                                                            فإذا وجبت الأجرة ، وكان القاسم واحدا أخذها ، إن كانا اثنين فلهما في الأجرة ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يستحقا أجرة المثل فيجب لكل واحد منهما أجرة مثله .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون لكل واحد منهما أجرة مسماة ، فيختص كل واحد منهما بأجرته ، قلت أو كثرت ، سواء تساويا فيها أو تفاضلا .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يسمي لهما أجرة واحدة ، فليس على المقتسمين غيرها .

                                                                                                                                            وفي اقتسامهما بها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يقتسمانها نصفين اعتبارا بالعدد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يقتسمانها على قدر أجور أمثالهما اعتبارا بالعمل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية