قسم الطعام وغيره  
فصل : وأما  قسم الطعام      : فكل مطعوم طعام ، وفي المطعوم ربا ، وهو على ضربين :  
أحدهما : أن يكون مما يجوز بيع بعضه ببعض ، كالحنطة والشعير فيجوز قسمه إجبارا واختيارا .  
فإن قيل : إن  القسمة إفراز   حق جاز قسمه كيلا أو وزنا ، وجاز أن يفترقا فيه قبل التقابض .  
وإن قيل : إن القسمة بيع ، وجب قسمه كيلا ، ولم يجز قسمه وزنا : لأن أصله الكيل ، ووجب إن تقابضا قبل الافتراق .  
وتدخل القرعة في قسمه إجبارا ، ولا تدخل في قسمه اختيارا .  
وإن كان مما لا يجوز بيع بعضه ببعض ، كرطب ، والعنب ، والفواكه الرطبة ، فإن قيل : إن القسمة إفراز حق ؛ جاز قسمه إجبارا واختيارا بكيل أو وزن .  
وفي جواز  قسمه بالخرص في نخله وشجره   ، قولان :  
أحدهما : جوازه .  
والثاني : بطلانه .  
وأصح من إطلاق هذين القولين أن يمنع منه بالخرص في قسمة الإجبار ، لأن المقصود بها التحقيق المعدوم في الخرص ، ويجاز بالخرص في قسمة الاختيار لأنها محمولة على التراضي ، هذا إذا قيل إن القسمة إفراز حق .  
فأما إن قيل إن القسمة بيع ، لم تجز قسمة الثمار الرطبة كما لم يجز بيعها ، فلا يدخلها قسم الإجبار ولا قسم الاختيار .  
وأما  قسم الدراهم والدنانير   ، فيجوز إجبارا واختيارا .  
وهل يعتبر في قسمها تقابضهما قبل الافتراق   على قولين :  
أحدهما : لا يعتبر إن قيل : إن القسمة إفراز حق .  
والثاني : يعتبر إذا قيل إنها بيع .  
 [ ص: 269 ] فأما  قسمة الحديد والنحاس   فإن كان غير مصنوع جاز قسمه إجبارا واختيارا ولم يعتبر فيه التقابض قبل الافتراق .  
وإن كان مصنوعا ، أواني أو سيوفا فإن اختلفت وتفاضلت ، قسمت اختيارا ولم تقسم إجبارا .  
وإن تشابهت وتماثلت ، ففي قسمها إجبارا وجهان كالحيوان والثياب .  
وأما  قسمة الدين   فلا يخلو أن يكون على غريم واحد أو على غرماء .  
فإن كان على غريم واحد ، فقسمته فسخ الشركة فيه .  
فإذا فسخت انقسم الدين في ذمة الغريم وصار لكل واحد من الشركاء قدر حقه منه ، ويجوز أن ينفرد باقتضائه وقبضه .  
ولو كانت الشركة باقية على حالها لم تفسخ لم يجز لأحد الشركاء فيه أن ينفرد باقتضائه وقبضه منه ، وكان ما قبضه مشتركا بينهم أن قبضه عن غير إذنهم .  
وإن أذنوا له في قبض حقه منه جاز ، وكان إذنه له في قبض حقه فسخا لشركته .  
ولا وجه لمن خرجه على قولين ، كالمكاتب إذا أدى إلى أحد الشريكين مال كتابته بإذن شريكه ، أنه على قولين ، لوقوع الفرق بينهما ، بثبوت الحجر على المكاتب ، وعدمه في الغريم .  
وإن كان الدين على جماعة غرماء ، فيختص كل واحد من الشريكين بما على كل واحد من الغرماء ، لم يجز قسم ذلك إجبارا ، لأن الغرماء قد يتفاضلون في الذمم واليسار .  
وفي جواز قسمه اختيارا قولان :  
أحدهما : يجوز ، إذا قيل إن القسمة إفراز حق .  
والثاني : لا يجوز إذا قيل إن القسمة بيع .  
ووجه صحتها على هذا القول ، أن يحيل كل واحد منهم لأصحابه بحقه على الغريم الذي لم يختره ، ويحيلوه بحقوقهم على الغريم الذي اختاره ، فيتعين ذلك بالحوالة دون القسمة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					