فصل : والقسم الثاني : أن ، فلا يجوز له أن يستخلف ، سواء قل عمله أو كثر ، لكنه إن قل عمله باشر الحكم فيه بنفسه ولم يكن له أن يستخلف ، لأجل المنع منه ، فإن استخلف فلا ولاية لخليفته وليس له أن يعدي خصما . ينهاه الإمام في التقليد أن يستخلف
فإن حكم بين خصمين ترافعا إليه كان كالحكم من الرعايا في جواز حكمه . وفي لزومه قولان على ما قدمناه في حكم المحكم .
وإن كثر عمله لزمه إعلام الإمام بعجزه عن النظر في جميعه ، ليكون الإمام بعد بين خيارين إما أن يأذن له في الاستخلاف ، أو يقتصر به على ما يقدر على مباشرته والنظر فيه ، ويصرفه عما عداه .
ولم يجز للإمام بعد علمه أن يتركه على حاله .
وأولى الأمرين بالإمام صرفه عن الزيادة ليكون هو المتولي للاختيار ، ولا يرد الاختيار إلى غيره ، ليكون على ثقة من صحة الاختيار .
فإن لم يعلم الإمام أو أعلمه ، فلم يأذن له في أحد الأمرين فكثرة عمله على ضربين :
أحدهما : أن يكون مصرا كثير السواد كالبصرة فيكون نظره مختصا بالبلد ، اعتبارا بالعرف ، وله أن يحكم بين أهل سواده إذا قدموا عليه ، فإن استعدى إليه على رجل من أهل السواد ، فإن كان على أقل من مسافة يوم وليلة لزمه إحضاره ، لخروجه عن مسافة القصر فصار كالحاضر وإن كان على مسافة القصر يوم وليلة فأكثر ففي وجوب إحضاره وجهان مضيا .
والضرب الثاني : أن يكون عمله مشتملا على مصرين متباعدين كالبصرة وبغداد فهو بالخيار في النظر في أيهما شاء لاشتمال ولايته عليهما .
فإذا نظر في أحدهما ففي انعزاله عن الآخر وجهان محتملان :
أحدهما : قد انعزل عنه لتعذر حكمه فيه بالعجز ، فصار كتعذر حكمه بآفة .
والوجه الثاني : أنه لا ينعزل عنه ، ويكون باقي الولاية عليه لصحة الولاية عليهما مع العجز عنهما ، فعلى هذا يجوز أن ينتقل من أحدهما إلى الآخر ولا يجوز له ذلك على الوجه الأول .