فصل
، فإما أن يشتريه بإذنه ، وإما بغيره . اشترى العامل من يعتق على المالك
الحال الأول : بإذنه ، فيصح . ثم إن لم يكن في المال ربح ، عتق على المالك وارتفع القراض إن اشتراه بجميع مال القراض ، وإلا فيصير الباقي رأس مال . وإن كان في المال ربح ، بني على أن العامل متى يملك نصيبه من الربح ؟ إن قلنا : بالقسمة عتق أيضا ، وغرم المالك نصيبه من الربح ، وكأنه استرد طائفة من المال بعد ظهور الربح ، وإن قلنا : يملك بالظهور ، عتق منه حصة رأس المال ونصيب المالك من الربح ، وسرى إلى الباقي إن كان موسرا ويغرمه ، وإن كان معسرا بقي رقيقا .
وفي وجه : إذا كان في المال ربح وقد اشتراه ببعض المال ، نظر ، إن اشتراه بقدر رأس المال ، عتق وكأن المالك استرد المال والباقي ربح يتقاسمانه ، وإن اشتراه بأقل ، حسب من رأس المال ، أو بأكثر حسب قدر رأس المال من رأس المال ، والزيادة من حصة المالك ما أمكن . والصحيح الأول . ولو ، فهو كشراء العامل من يعتق عليه بإذنه . أعتق المالك عبدا من مال القراض
الحال الثاني : يشتريه بغير إذنه ، فلا يقع [ الشراء ] عن المالك بحال ، إذ لا مصلحة فيه للقراض ، ثم إن اشتراه بعين مال القراض بطل من أصله . وإن كان في الذمة ، وقع عن العامل ، ولزمه الثمن من ماله . فإن أداه من مال القراض ضمن .
فرع
اشترى زوجة المالك ، أو زوجها بلا إذن ، قيل : يصح . والأصح المنصوص ، [ ص: 130 ] المنع كمن يعتق عليه ، لأنه لو صح لانفسخ النكاح وتضرر ، وإنما قصد بالإذن ما فيه حظ . فعلى هذا ، هو كما لو اشترى من يعتق عليه بلا إذن .
فرع
لو ، صح ووقع عن الموكل على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، لأن اللفظ شامل ، بخلاف القراض ، فإن مقصوده الربح فقط ، ونقل الإمام وجها : أنه لا يقع للموكل بل يبطل الشراء إن اشترى بعين المال ، ويقع عن الوكيل إن كان في الذمة . وكل بشراء عبد ، فاشترى الوكيل من يعتق على الموكل
فرع
صح ، وعتق عليه إن لم تركبه ديون ، وإلا فقولان ، لأن ما في يده كالمرهون بالديون . وإن اشترى بغير إذنه لم يصح على الأظهر . والثاني : يصح ويعتق عليه . ورأى الإمام القطع بالبطلان إن كان [ أذن ] في التجارة ، وجعل الخلاف فيما إذا قال : تصرف في هذا المال واشتر عبدا . والجمهور على جريان القولين في الإذن في التجارة ، وهو نصه في " المختصر " . ثم هذا الخلاف ، إذا لم يركبه دين ، فإن ركبه ، ترتب على الخلاف فيما إذا لم يركبه ، وأولى بالبطلان . فإن صح ، ففي نفوذ العتق القولان . العبد المأذون له [ في التجارة ] ، إذا اشترى من يعتق على سيده بإذنه
فرع
اشترى العامل من يعتق عليه ، فإن لم يكن في المال ربح صح ولم يعتق [ ص: 131 ] كالوكيل يشتري أباه لموكله ، ثم إن ارتفعت الأسعار وظهر ربح ، بني على القولين في أن العامل متى يملك الربح ؟ إن قلنا : بالقسمة ، لم يعتق منه شيء . وإن قلنا : بالظهور ، عتق عليه بقدر حصته على الأصح . وقيل : لا يعتق ، لعدم استقرار ملكه . فإن قلنا : بالأصح ، ففي السراية وتقويم الباقي عليه إن كان موسرا ، وجهان . أصحهما وبه قال الأكثرون : تثبت كما لو اشتراه وفيه ربح وقلنا : يملك بالظهور . وإن كان في المال ربح ، سواء كان حاصلا قبل الشراء ، أو حصل بنفس الشراء بأن كان رأس المال مائة ، فاشترى بها أباه وهو يساوي مائتين ، فإن قلنا : يملك الربح بالقسمة صح الشراء ولم يعتق ، وإلا ففي صحة الشراء في قدر حصته من الربح وجهان . أصحهما : الصحة ، لأنه مطلق التصرف في ملكه . والثاني : لا ، لأنه يخالف غرض الاسترباح . فإن منعنا ففي الصحة في نصيب المالك قولا الصفقة ، وإن صححنا ففي عتقه عنه الوجهان السابقان . فإن قلنا : يعتق ، فإن كان موسرا ، سرى العتق إلى الباقي ولزمه الغرم ، لأنه مختار في الشراء ، وإلا فيبقى الباقي رقيقا . هذا كله إذا اشترى بعين مال القراض ، فأما إن اشترى في الذمة للقراض ، فحيث صححنا الشراء بعين مال القراض ، أوقعناه هنا عن القراض ، وحيث لم نصحح هناك ، أوقفناه هنا عن العامل ، وعتق عليه . وحكي قول : أنه إذا أطلق الشراء ولم يصرفه إلى القراض لفظا ، ثم قال : كنت نويته ، وقلنا : إنه إذا وقع عن القراض لا يعتق منه شيء ، لم يقبل قوله ، لأن الذي جرى عقد عتاقه ، فلا يقبل رفعه .
فرع
ليس للعامل . فإن كاتباه معا ، جاز ، [ ص: 132 ] وعتق بالأداء ، ثم إن لم يكن في المال ربح ، فولاؤه للمالك ولا ينفسخ القراض بما جرى من الكتابة على الأصح ، بل ينسحب على النجوم ، وإن كان فيه ربح ، فالولاء بينهما على حسب الشرط ، وما يزيد من النجوم على القيمة ربح . أن يكاتب عبد القراض بغير إذن المالك
الحكم الثاني : . فلو قارض بإذن المالك وخرج من الدين وصار وكيلا في مقارضة الثاني صح ، ولا يجوز أن يشرط العامل الأول لنفسه شيئا من الربح . ولو فعل فسد القراض الثاني ، ولعامله أجرة المثل على المالك ، لما سبق أن شرط الربح لغير العامل والمالك ممتنع . وإن أذن [ له ] في أن يعامل غيره ليكون ذلك الغير شريكا له في العمل والربح المشروط له على ما يراه ، فقيل : يجوز كمقارضة شخصين ابتداء ، والأصح المنع . وإن قارض بغير إذن المالك فهو فاسد ، ويجيء فيه قول وقف عقد الفضولي على الإجازة . فإذا قلنا بالمشهور ، فتصرف الثاني في المال وربح ، فهو كالغاصب إذا اتجر في المغصوب . فإن تصرف في عينه ، فتصرف فضولي ، وإن باع سلما ، أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فيما التزمه وربح ، فالربح للغاصب في الجديد ، وللمالك في القديم . وفي هذا القديم ، أبحاث . منع مقارضة العامل غيره
أحدها : هل الربح للمالك جزما ، أم موقوف على إجازته ؟ قيل : بالوقف كبيع الفضولي على القديم . فعلى هذا ، إن رده ارتد ، سواء اشترى في الذمة أم بعين المغصوب ، وقال الأكثرون بالجزم ، وبنوه على المصلحة ، وكيف يصح وقف شراء الغاصب لنفسه على إجازة غيره ، وإنما قول الوقف إذا تصرف في عين مال الغير أو له ؟ ! .
الثاني : أن هذا القول جار فيما إذا كان في المال ربح وكثرت التصرفات [ ص: 133 ] وعسر تتبعها ، فإن سهل وقلت ولا ربح ، فلا مجال له . فإن سهل وهناك ربح ، أو عسر ولا ربح ، فوجهان ، وسواء في الربح القليل والكثير .
الثالث : لو اشترى في ذمته ولم يخطر له أن يؤدي الثمن من الدراهم المغصوبة ، ثم خطر له ، قال الإمام : ينبغي أن لا يجري القديم إن صدقه المالك . وهذه المسألة تلقب بمسألة البضاعة ، وقد ذكرناها مختصرة في أول البيع وفي الغصب . وإذا قلنا بالجديد ، فاشترى بعين مال القراض فباطل ، وإن اشترى في الذمة ، فهل جميع الربح للعامل الثاني لأنه المتصرف كالغاصب ؟ أم للأول لأن الثاني تصرف بإذنه كالوكيل ؟ وجهان . أصحهما : الأول ، وعليه للثاني أجرة عمله . وإذا قلنا : بالقديم ، ففيما يستحقه المالك من الربح وجهان . أحدهما : جميعه كالغصب . فعلى هذا للعامل الثاني أجرة عمله قيل : يأخذها من العامل الأول ، لأنه استعمله ، وقيل : من المالك ، لأن نفع عمله عاد إليه .
و [ الوجه ] الثاني وهو الصحيح : له نصف الربح ، لأنه رضي بخلاف به ، بخلاف صورة الغصب . فعلى هذا ، في النصف الثاني أوجه . قيل : كله للعامل الأول ، وللثاني عليه أجرة عمله ، لأنه غره . وقيل : للثاني . وقيل : بينهما بالسوية ، وهو الأصح . وعلى هذا ، في رجوع الثاني بنصف أجرة المثل وجهان . أصحهما : لا ، لأنه أخذ نصف ما حصل لهما ، والوجهان فيما إذا كان الأول قال : على أن ربح هذا المال بيننا ، أو على أن لكل نصفه . فإن كان قال : ما رزقنا الله تعالى [ من الربح ] فهو بيننا ، فلا رجوع على المذهب ، وبه قطع الأكثرون ، لأن النصف ، هو الذي رزقاه .
وعن الشيخ أبي محمد ، طرد الوجهين ، لأن المفهوم ، بشطر جميع الربح . وجميع ما ذكرناه إذا كان القراضان على المناصفة ، فإن كانا هما أو أحدهما على نسبة أخرى ، فعلى ما تشارطا . هذا كله إذا تصرف الثاني وربح . أما لو هلك المال في يده ، فإن كان عالما بالحال فغاصب . وإن ظن العامل [ ص: 134 ] مالكا ، فهو كالمستودع من الغاصب ، لأن يده أمانة . وقيل : كالمتهب من الغاصب ، لعود النفع إليه ، وقد سبق بيانهما ضمانا وقرارا .
الحكم الثالث : ، فليس له السفر به بغير إذن المالك ، وفي قول : له ذلك عند أمن الطريق ، نقله منعه السفر بمال القراض . فعلى المشهور : لو سافر ، ضمن المال ، ثم إن كان المتاع بالبلدة التي سافر إليها أكثر قيمة ، أو تساوت القيمتان صح البيع ، واستحق الربح بسبب الإذن . وإن كان أقل قيمة ، لم يصح البيع ، إلا أن يكون النقص قدرا يتغابن به . وإذا صححنا البيع ، فالثمن الذي يقبضه مضمون عليه ، بخلاف الوكيل في البيع إذا تعدى ثم باع ، لا يضمن الثمن الذي يقبضه ، لأنه لم يتعد فيه ، وهنا العدوان بالسفر ، وهو شامل ، ولا تعود الأمانة بالعود من السفر . أما إذا سافر بالإذن ، فلا عدوان ولا ضمان . قال البويطي المتولي : ويبيع بما كان يبيعه في البلد الذي سافر منه ، فإن لم يساو إلا ما دونه ، فإن ظهر فيه غرض ، بأن كانت مؤنة الرد أكثر من قدر النقص ، أو أمكن صرف الثمن إلى متاع يتوقع فيه ربحا ، فله البيع ، وإلا فلا يجوز ، لأنه تخسير محض .
قلت : وإذا سافر بالإذن ، لم يجز سفره في البحر إلا بنص عليه . والله أعلم .