فصل
، فينبغي أن يكون المحمول معلوما ، فإن كان حاضرا ورآه المؤجر ، كفى ، وإلا فلا بد من تقديره بالوزن ، أو بالكيل إن كان مكيلا ، والتقدير بالوزن في كل شيء أولى وأحصر ، ولا بد من ذكر جنسه ، لاختلاف تأثيره . فلو مما تستأجر له الدواب الحمل عليها ، جاز على الأصح ، ويكون رضى منه بأضر الأجناس ، فلا حاجة حينئذ إلى بيان الجنس . وقال صاحب الرقم : قال قال : أجرتكها لتحمل عليها مائة رطل مما شئت حذاق المراوزة : إذا ، جاز ، وجعل راضيا بالأضر ، وحاصله الاستغناء بالتقدير عن ذكر الجنس . هذا في التقدير بالوزن ، أما إذا قدر بالكيل ، فالمفهوم من كلام استأجر دابة للحمل مطلقا أبي الفرج السرخسي : أنه لا يغني عن ذكر الجنس وإن قال : عشرة أقفزة مما شئت ، لاختلاف الأجناس في الثقل مع الاستواء في الكيل ، لكن يجوز أن يجعل ذلك رضى بأثقل الأجناس ، كما جعل في الوزن رضى بأضر الأجناس .
قلت : الصواب قول السرخسي ، والفرق ظاهر ، فإن اختلاف التأثير بعد الاستواء في الوزن ، يسير ، بخلاف الكيل ، وأين ثقل الملح من ثقل الذرة ؟ والله أعلم .
ولو ، لم يصح ، بخلاف إجارة الأرض ليزرعها ما شاء ، لأن الدواب لا تطيق كل ما تحمل . قال : أجرتكها لتحمل عليها ما شئت
فرع
ظروف المتاع وحباله ، إن لم تدخل في الوزن ، بأن قال : مائة رطل حنطة
[ ص: 205 ] ، أو كان التقدير بالكيل ، فلا بد من معرفتها بالرؤية أو الوصف ، إلا أن يكون هناك غرائر متماثلة اطرد العرف باستعمالها ، فيحمل مطلق العقد عليها . وإن دخلت في قدر المتاع ، بأن قال : مائة رطل حنطة بظروفها ، صح العقد . ولو اقتصر على قوله : مائة رطل ، فالأصح : أن الظرف من المائة . والثاني : أنه وراءها ، لأنه السابق إلى الفهم . فعلى هذا ، يكون الحكم كما لو قال : مائة رطل من الحنطة ، والمسألة مفرعة على الاكتفاء بالتقدير . وإهمال ذكر الجنس ، إما مطلقا ، وإما بأن قال : مائة رطل مما شئت .
فرع
الدابة المستأجرة للحمل ، إن كانت معينة ، فعلى ما ذكرناه في الركوب . وإن كانت الإجارة على الذمة ، لم يشترط ، بخلاف الركوب ، لأن المقصود هنا تحصيل المتاع في الموضع المنقول إليه ، فلا يختلف الغرض . لكن لو كان المحمول زجاجا أو خزفا وشبههما ، فلا بد من معرفة حال الدابة ، ولم ينظروا في سائر المحمولات إلى تعلق الغرض بكيفية سير الدابة بسرعة أو بطء ، وقوة أو ضعف ، وتخلفها عن القافلة على بعض التقديرات . ولو قيل به ، لم يكن بعيدا . والكلام في المعاليق وتقدير السير ، على ما ذكرناه في الاستئجار للركوب . معرفة جنس الدابة وصفتها
فرع
، صح العقد كما لو باع كذلك ، بخلاف ما لو قال : أجرتك كل شهر بدرهم ، لأن جملة الصبرة معلومة محصورة ، بخلاف الأشهر . ولو استأجره لحمل هذه الصبرة إلى موضع كذا ، كل صاع بدرهم ، أو صاع منها بدرهم ، وما زاد فبحسابه ، فوجهان . أصحهما : المنع ، لأنه شرط عقد في عقد . والثاني : الجواز ، وتقديره : كل صاع بدرهم . ولو قال : [ ص: 206 ] لتحمل صاعا منها بدرهم ، على أن تحمل كل صاع منها بدرهم ، أو على أن ما زاد فبحسابه ، [ صح ] العقد في العشرة ، دون الزيادة المشكوك فيها . ولو قال : لتحمل من هذه الصبرة كل صاع بدرهم ، لم يصح على المذهب ، وهو المعروف . وقد سبق في مثله في البيع وجه : أنه يصح في صاع ، فيعود هنا . قال : لتحمل هذه الصبرة وهي عشرة آصع ، كل صاع بدرهم ، فإن زادت ، فبحسابه