فصل
إذا ، فقال الخياط : أمرتني بقباء ، وقال : بل أمرتك بقميص ، أو سود الثوب بصبغ وقال : هكذا أمرتني ، فقال : بل أمرتك بصبغه أحمر ، ففيه خمسة طرق . أصحها وبه قال الأكثرون : في المسألة قولان . أظهرهما عند الجمهور : أن القول قول المالك . والثاني : القول قول الخياط والصباغ . والطريق الثاني : فيه ثلاثة أقوال . هذان ، والثالث : أنهما يتحالفان . والطريق الثالث : قولان . تصديق المالك ، والتحالف . والرابع : القطع بالتحالف ، قاله دفع ثوبا إلى خياط ليقطعه ويخيطه ، فخاطه قباء ، ثم اختلفا ، وصاحب " التقريب " ، والشيخ أبو علي الطبري أبو حامد . والخامس : عن ابن سريج ، إن جرى بينهما عقد ، تعين التحالف ، وإلا ، فالقولان الأولان . فإن قلنا : القول قول الخياط ، فإذا حلف ، لا أرش عليه قطعا ، ولا أجرة له على الأصح . والثاني : يجب له المسمى إتماما لتصديقه . والثالث : أجرة المثل . فإذا قلنا : لا أجرة له بيمينه ، فله أن يدعي الأجرة على المالك ، ويحلفه ، فإن نكل ، ففي تجديد اليمين عليه وجهان .
[ ص: 237 ] قلت : ينبغي أن يكون أصحهما : التجديد ، وهذه قضية مستأنفة . والله أعلم .
وإن قلنا : القول قول المالك . فإذا حلف ، فلا أجرة عليه ، ويلزم الخياط أرش النقص على المذهب . وقيل : فيه وجهان كما في وجوب الأجرة تفريعا على تصديق الخياط . والفرق على المذهب : أن القطع يوجب الضمان ، إلا أن يكون بإذن ، وهو غير موجب إلا بإذن . ثم في الأرش الواجب وجهان . أحدهما : ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا . والثاني : ما بين قيمته مقطوعا قميصا ومقطوعا قباء . وعلى هذا إن لم ينقص ، فلا شيء عليه . وعلى الثاني : في استحقاقه الأجرة للقدر الذي يصلح للقميص من القطع ، وجهان . قال : نعم ، وبه قطع ابن أبي هريرة البغوي ، وضعفه ابن الصباغ ، لأنه لم يقطعه للقميص .
قلت : المنع أصح ، ونقله صاحب البيان عن نص - رضي الله عنه - . والله أعلم . الشافعي
وإذا قلنا : يتحالفان ، فحلفا ، فلا أجرة للخياط قطعا ، ولا أرش عليه على الأظهر . وإذا أراد الخياط نزع الخيط ، لم يمكن منه حيث حكمنا [ له ] بالأجرة ، سواء كان الخيط للمالك أو من عنده ، لأنه تابع للخياطة . وحيث قلنا : لا أجرة ، فله نزع خيطه كالصبغ . وحينئذ لو أراد المالك أن يشد بخيطه خيطا ليدخر في الدروز إذا خرج الأول ، لم يكن له إلا برضى الخياط . وأما كيفية اليمين ، فقال في " الشامل " : إن صدقنا الخياط ، حلف بالله : ما أذنت لي في قطعه قميصا ، ولقد أذنت لي في قطعه قباء ، قال : وإن صدقنا المالك ، كفاه عندي أن يحلف : ما أذنت له في قطعه ، ولا حاجة إلى التعرض ، لأن وجوب الغرم وسقوط الأجرة يقتضيهما نفي الإذن في القباء . وإن قلنا بالتحالف ، جمع كل واحد في يمينه بين النفي والإثبات كما سبق في البيع .
[ ص: 238 ] قال : والكلام في البداءة بمن ؟ هو كما سبق في البيع ] ، والمالك هنا في رتبة البائع . ابن كج
قلت : وقال الشيخ أبو حامد : إذا صدقنا الخياط ، حلف : لقد أذنت لي في قطعه قباء فقط . فإن لم نثبت للخياط أجرة ، فهذا أصح من قول صاحب " الشامل " لأن هذا القدر كاف في نفي الغرم عنه وإن أثبتناها ، فقول صاحب " الشامل " هو الصواب . والله أعلم .
فرع
، لأن الإذن مشروط بما لم يوجد . وإن قال : هل يكفيني قميصا ، فقال : نعم ، فقال : اقطعه ، فقطعه فلم يكفه ، لم يضمن ، لأن الإذن مطلق . قال للخياط : إن كان هذا الثوب يكفيني قميصا فاقطعه ، فقطعه فلم يكفه ، ضمن الأرش