فصل
وأما ، فهو شرط لزوم الهبة ، فلا يحصل الملك في الموهوب والهدية إلا بقبضهما ، هذا هو المشهور . وفي قول قديم : يملك بالعقد كالوقف . وفي قول مخرج : الملك موقوف ، فإن قبض ، تبينا أنه ملك بالعقد . ويتفرع على الأقوال أن الزيادة الحادثة بين العقد والقبض ، لمن تكون ؟ ولو القبض ، فوجهان . وقيل : قولان . أحدهما : ينفسخ العقد ، لجوازه ، كالشركة ، والوكالة . وأصحهما : لا ينفسخ ، لأنه يئول إلى اللزوم . كالبيع الجائز ، بخلاف الشركة . فعلى هذا ، إن مات الواهب تخير الوارث في الإقباض . وإن مات الموهوب له قبض وارثه إن أقبضه الواهب . ويجري الخلاف في جنون أحدهما وإغمائه . مات الواهب أو الموهوب له بعد العقد وقبل القبض
قلت : قال البغوي : ويقبض بعد الإفاقة منهما ، ولا يصح القبض في حال الجنون والإغماء . والله أعلم .
فرع
، هو الواقع بإذن الواهب ، فلو قبض بلا إذنه ، لم يملكه ، [ ص: 376 ] ودخل في ضمانه ، سواء قبض في مجلس العقد أو بعده . ولو كان الموهوب في يد الموهوب له ، فحكمه ما سبق في كتاب الرهن . ولو أذن في القبض ، ثم رجع عنه قبل القبض ، صح رجوعه ، فلا يصح القبض بعده . وكذا لو أذن ، ثم مات الآذن أو المأذون له قبل القبض ، بطل الإذن . القبض المحصل للملك
فرع
، بقيت الهدية للمهدي . ولو مات المهدي ، لم يكن للرسول حملها إلى المهدى إليه ، وكذا المسافر إذا اشترى لأصدقائه هدايا ، فمات قبل وصولها إليهم ، فهي له تركة . بعث هدية إلى إنسان ، فمات المهدى إليه قبل وصولها إليه
فرع
، كما سبق في البيع . وحكينا هنا قولا ، أن التخلية في المنقول قبض . قال كيفية القبض في العقار والمنقول المتولي : لا جريان له هنا ، لأن القبض هناك مستحق ، وللمشتري المطالبة به ، فجعل التمكين قبضا ، وفي الهبة غير مستحق ، فاعتبر تحقيقه ولم يكتف بالوضع بين يديه .
قلت : فلو كان الموهوب مشاعا ، فإن كان غير منقول ، فقبضه بالتخلية ، وإن كان منقولا ، فقبضه بقبض الجميع . قال أصحابنا : صاحب " الشامل " وآخرون : فيقال للشريك ليرضى بتسليم نصيبه أيضا إلى الموهوب له ، ليكون في يده وديعة حتى يتأتى القبض ثم يرده إليه . فإن فعل [ فقبض الموهوب الجميع ، ملك . وإن [ ص: 377 ] امتنع ، قيل للموهوب له : وكل الشريك في القبض لك . فإن فعل ] نقله الشريك وقبضه له . فإن امتنعا ، نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله ليحصل القبض ، لأنه لا ضرر في ذلك عليهما .
[ والله أعلم ]
فرع
لو ، لم يصر قابضا ، بخلاف المشتري إذا أتلف المبيع ، والفرق ما سبق في الفرع قبله . ولو أتلف المتهب الموهوب ، كان قابضا . أذن الواهب للموهوب له في أكل طعام الموهوب ، فأكله ، أو في إعتاق الموهوب ، فأعتقه ، أو أمر الموهوب له الواهب بإعتاقه ، فأعتقه
فرع
لو ، حكى باع الواهب الموهوب قبل الإقباض : أنه إن كان يعتقد أن الهبة غير لازمة ، صح بيعه وبطلت الهبة . وإن اعتقد لزومها وحصول الملك بالعقد ، ففي صحة بيعه قولان ، كمن باع مال أبيه يظن أنه حي ، فبان ميتا . الشيخ أبو حامد
[ ص: 378 ] فرع
في مسائل محكية عن نص - رضي الله عنه - الشافعي
لو ، لم يكن إقرارا بلزوم الهبة ، لجواز أن يعتقد لزومها وحصول الملك بالعقد ، والإقرار يحمل على اليقين . ولو قال : وهبته له وملكه ، فإن كان الموهوب في يد المتهب ، كان إقرارا بالقبض ، وإن كان في يد الواهب ، فلا . ولو قال : وهبته له وخرجت إليه منه ، كان إقرارا بالهبة والإقباض . قيل له : وهبت دارك لفلان وأقبضته ؟ فقال : نعم