الحكم الرابع : ، وللقيط في ذلك أربعة أحوال . الحرية والرق
الأول : أن لا يقر على نفسه بالرق ، ولا يدعي رقه أحد ، فيحكم بحريته ، لأن ظاهر حاله الحرية ، ولأن غالب الناس أحرار ، هذا هو المذهب ، وقد سبق أن من الأصحاب من يتوقف في إسلامه . قال الإمام : وذلك التردد يجري هنا وأولى ، لقوة الإسلام ، واقتضائه الاستتباع للوالد والسابي ، بخلاف الحرية . ثم ذكر الإمام تفصيلا متوسطا ، فقال : يجزم بالحرية ما لم ينته الأمر إلى إلزام الغير شيئا ، [ ص: 443 ] فإن انتهى ، ترددنا إن لم يعترف الملتزم بحريته ، فنحكم له بالملك فيما نصادفه في يده جزما . وإذا أتلفه متلف ، أخذنا منه الضمان وصرفناه إليه ، لأن المال المعصوم مضمون على المتلف ، فليس التضمين بالحرية ، وميراثه لبيت المال قطعا ، وأرش جنايته الخطأ في بيت المال قطعا ، قال الإمام : ويحتمل أن يخرج على التردد المذكور ، لأن مال بيت المال لا يبذل إلا عن تحقق . ولو قتل اللقيط ، فقد ذكرنا في وجوب القصاص خلافا ، وينضم إليه التردد في الحرية ، فمن لا يجزم القول بإسلامه وحريته ، لا يوجب القصاص على الحر المسلم بقتله ، ويوجبه على الرقيق الكافر . ومن يجزم بهما ، يخرج وجوب القصاص بكل حال على قولين - بناء على أنه ليس له وارث معين - الأظهر : وجوبه . وإذا قتل خطأ ، فالواجب الدية على الصحيح ، أخذا بظاهر الحديث ، وأقل الأمرين من الدية ، والقيمة في الثاني ، بناء على أن الحرية غير متيقنة . قال الإمام : وقياس هذا أن نوجب الأقل من قيمته عبدا ، ودية مجوسي ، لإمكان الحمل على التمجس ، وقد يرتب القصاص على الدية فيقال : إن لم نوجب الدية ، فالقصاص أولى ، وإلا ، فوجهان .
الحال الثاني : أن . ومن ادعى رق صغير لا تتيقن حريته ، سمعت دعواه ، لإمكانها . فإن لم يكن في يده ، لم يقبل قوله إلا ببينة ، لأن الظاهر الحرية ، فلا تترك إلا بحجة ، بخلاف النسب ، فإن قبوله مصلحة للصبي وثبوت حق له . وإن كان في يده وقد عرفنا استنادها إلى التقاطه ، فقولان . أحدهما : يحكم له بالرق كيد غير الملتقط ، وكما لو التقط مالا وادعاه ، ولا منازع ، يقبل قوله ويجوز شراؤه منه . وأظهرهما : لا يقبل إلا ببينة ، لأن الأصل الحرية ، ويخالف المال ، فإنه مملوك وليس في دعواه تغيير صفة له ، واللقيط حر ظاهرا ، وفي دعواه تغيير صفة . وإن لم يعرف استنادها إلى الالتقاط ، حكم لصاحبها بالرق الذي يدعيه على الصحيح الذي قطع به الجمهور ، لأن الظاهر ممن في يده يتصرف فيه تصرف [ ص: 444 ] المالكين ، ولا معارض له ، ولا سبب يحال عليه أنه ملكه ، وسواء كان الصغير مميزا ، أو غيره مقرا ، أو منكرا على الأصح . والثاني : إن كان مميزا منكرا ، احتاج المدعي إلى البينة . فعلى الأصح : يحلف المدعي ، واليمين واجبة على الأصح المنصوص . وقيل : مستحبة . ثم إذا يدعي شخص رقه ، ولا بينة لم يقبل . وإن قال : أنا حر ، لم يقبل أيضا على الأصح ، إلا أن يقيم بينة بالحرية ، ولكن له تحليف السيد ، قاله بلغ الصبي وأقر بالرق لغير صاحب اليد ، البغوي . والثاني : يقبل ، قاله . أبو علي الثقفي
فرع
قال رأى صغيرا في يد إنسان يأمره وينهاه ويستخدمه ، هل له أن يشهد له بالملك ؟ : فيه وجهان . وقال غيره : إن سمعه يقول : هو عبدي ، أو سمع الناس يقولون : إنه عبده ، شهد له بالملك ، وإلا ، فلا . أبو علي الطبري
قلت : هذا أصح . والله أعلم .
فرع
صغيرة في يد رجل يدعي نكاحها ، فبلغت وأنكرت ، يقبل قولها ، وعلى المدعي البينة . وهل يحكم في صغرها بالنكاح ؟ قال ابن الحداد : نعم كالرق . والأصح : المنع . وفرق الأصحاب ، بأن اليد في الجملة دالة على الملك ، ويجوز أن يولد وهو مملوك والنكاح طارئ ، فيحتاج إلى البينة .
الحال الثالث : أن يدعي رقه مدع ويقيم عليه بينة حيث يحتاج مدعي الرق إلى بينة كما فصلناه . قولان . [ ص: 445 ] أحدهما : نعم ، كما لو شهد بملك دار ، أو ثوب ، وغيرهما ، وهذا اختيار المزني ، وهو نصه في الدعاوى ، وفي القديم . والثاني : لا ، لاحتمال اعتماد الشاهد ظاهر اليد ، ويكون يد التقاط . وإذا احتمل ذلك مع أن اللقيط محكوم بحريته بظاهر الدار ، لم يزل ذلك إلا بيقين ، وأمر الرق خطر ، وهذا نصه [ هنا ] ، وهو الأصح عند الإمام ، وهل يكفي إقامة البينة على الرق ، أو الملك مطلقا ؟ والبغوي ، ، وآخرين ، ورجح والروياني ، ابن كج الأول ، ويؤيده أن من الأصحاب من قطع به ، وحمل نصه هنا على الاحتياط ، ولأن البينة بمطلق الملك ليست بأقل من دعوى غير الملتقط رق الصغير في يده . وأبو الفرج الزاز
قلت : كل من الترجيحين ظاهر ، وقد رجح الرافعي في " المحرر " الثاني . والله أعلم .
ويجري القولان ، سواء كان المدعي هو الملتقط ، أو غيره ، هكذا ذكره الجمهور . وذكر الإمام كلاما يتخرج منه ، ومما ذكره غيره قول : أن البينة المطلقة تكفي في غير الملتقط ، ولا تكفي فيه . والمذهب : أنه لا فرق . وإذا قلنا : لم يكتف بالبينة المطلقة ، شرطنا تعرض الشهود لسبب الملك من الإرث ، أو الثراء ، أو الالتهاب ونحوها . ومن الأسباب أن يشهدوا أن أمته ولدته مملوكا له . فإن اقتصروا على أن أمته ولدته ، أو أنه ولد أمته ، فطريقان . قال الجمهور : قولان . أظهرهما : يكفي . والثاني : لا . وقيل : يكفي قطعا ، وهو نصه هنا . وإن شهدوا أنه ملكه ولدته مملوكته قال البغوي : يكفي قطعا ، وهو نصه هنا . وإن شهدوا أنه ملكه ولدته مملوكته ، قال البغوي : يكفي قطعا ، وإن شهدوا بأن أمته ولدته في ملكه ، قال الأصحاب : يكفي قطعا . وقال الإمام : لا يكتفى به تفريعا على وجوب التعرض لسبب الملك ، فقد تلد في ملكه حرا بالشبهة ، وفي نكاح الغرور ، وقد تلد مملوكا لغيره بأن يوصي بحملها ، وتكون الرقبة للوارث ، وهذا حق . ويشبه أن لا يكون فيه خلاف ، ويكون قولهم : في ملكه ، مصروفا إلى المولود - كقولك : ولدته في مشيمة - [ ص: 446 ] لا إلى الولادة ، ولا إلى الوالدة ، وحينئذ يكون قولهم : ولدته مملوكا له ، ويكفي المدعي في دعواه قوله : هو ملكي ، وإنما يشترط ذكر السبب إن شرطناه في صيغة الشهود .
فرع
تقبل هذه الشهادة من رجل ، وامرأتين على القولين ، لأن الغرض إثبات الملك . وإذا اكتفينا بالشهادة على أنه ولدته أمته ، قبل من أربع نسوة أيضا ، لأنها شهادة على الولادة ، ثم يثبت الملك في ضمنها كثبوت النسب في ضمن الشهادة على الولادة . ولو شهدن أنه ملكه ولدته أمته ، قال القاضي حسين : ثبت الملك ، والولادة ، وذكر الملك لا يمنع ثبوت الولادة ، ثم يثبت الملك ضمنا لا بتصريحهن .
فرع
لو ، قال في " المهذب " : إن كان المدعي الملتقط ، لم يحكم له . وإن كان غيره ، فقولان . والأصح ما ذكره صاحب " الشامل " ، وغيره : أن المدعي إذا أقام البينة أنه كان في يده قبل التقاط الملتقط ، قبلت وثبتت يده ، ثم يصدق في دعوى الرق ، لما سبق أن صاحب اليد على الصغير إذا لم يعرف أن يده عن التقاط ، يصدق في دعوى الرق ، وبمثله قطع شهدت البينة لمدعي الرق باليد البغوي فيما إذا أقام الملتقط بينة أنه كان في يده ، قبل إن التقطه ، لكن نقل في هذه الصورة عن النص ، أنه لا يرق حتى يقيم البينة على سبب الملك . ابن كج
الحال الرابع : أن يقر على نفسه بالرق وهو بالغ عاقل ، فينظر ، إن كذبه [ ص: 447 ] المقر له ، لم يثبت الرق . فلو عاد بعد ذلك فصدقه ، لم يلتفت إليه ، لأنه لما كذبه ثبتت حريته بالأصل ، فلا يعود رقيقا . وإن صدقه ، نظر ، إن لم يسبق الإقرار ما يناقضه ، قبل على المشهور كسائر الأقارير . وفي قول حكاه صاحب " التقريب " : لا يقبل ، لأنه محكوم بحريته بالدار ، فلا ينقض ، كالمحكوم بإسلامه بالدار ، لو أفصح بالكفر ، لا ينقض ما حكمنا به في قول ، بل يجعل مرتدا . وإن سبقه ما يناقضه ، ففيه صور .
إحداها : إذا ، لا يقبل على المذهب ، وبه قطع الأصحاب . ونقل الإمام وجهين ، ثانيهما القبول . أقر بالحرية بعد البلوغ ، ثم أقر بالرق
الثانية : إذا أقر بالرق لزيد ، فكذبه ، ثم أقر لعمرو ، لم يقبل على المذهب ، والمنصوص ، والذي قطع به الجمهور ، بل يكون حرا ، وعن ابن سريج قبوله .
الثالثة : إذا ، نقضت تصرفاته المقتضية للحرية ، وجعلت صادرة عن عبد لم يأذن له سيده ، ويسترد ما قبضه من زكاة ، أو ميراث ، وما أنفق عليه من بيت المال ، وتباع رقبته فيها . فلو لم تقم بينة ، لكن أقر بالرق ، فإن قلنا بالقول الذي حكاه صاحب " التقريب " فإقراره لاغ . لكن لو كان نكح ، فإقراره اعتراف بتحريمها ، فيؤاخذ به . وإن قلنا بالمشهور ، ففيه طرق ، حاصلها أنه تثبت أحكام الأرقاء في المستقبل على المذهب . وقال وجدت منه تصرفات يقتضي نفوذها الحرية ، كبيع ، ونكاح ، وغيرهما ، ثم قامت بينة برقه ابن سلمة : قولان . ثانيهما : أنه يبقى على أحكام الحرية مطلقا . وقيل : يبقى فيما يضر بغيره ، وكلاهما شاذ ضعيف . وأما الماضي ، فيقبل إقراره فيما يضر به من التصرفات السابقة قطعا ، ولا يقبل فيما يضر بغيره على الأظهر . ويتفرع على القولين فروع . أحدها : إذا نكح قبل الإقرار ، نظر ، أذكر هو ، أم أنثى ، فإن . فإن قبلنا [ ص: 448 ] الإقرار فيما يضر غيره ، فالنكاح فاسد ، ولا شيء على الزوج إن لم يدخل بها ، وإن دخل ، فعليه مهر المثل للمقر له . فإن كان سلم المهر إليها ، استرده إن كان باقيا ، وإلا ، رجع عليها بعد العتق ، والأولاد منها أحرار ، لظنه الحرية ، وعلى الزوج قيمتهم للمقر له ، ويرجع عليها بالقيمة إن كانت هي الغارة . وفي الرجوع بالمهر قولان معروفان . وفي العدة وجهان . أصحهما : يلزمها قرءان ، لأن عدة الأمة بعد ارتفاع النكاح الصحيح قرءان ، ونكاح الشبهة في المحرمات كالنكاح الصحيح ، وبهذا قطع الشيخ كان أنثى فزوجها الحاكم على الحرية ، ثم أقرت بالرق أبو حامد وصاحبا " المهذب " ، و " الشامل " . والثاني : لا عدة عليها ، إذ لا نكاح ، ولكن تستبرئ بقرء بسبب الوطء . قال الإمام : ويجب طرد هذا الخلاف في كل نكاح شبهة على أمة . وإن قلنا : لا يقبل الإقرار فيما يضر غيره ، فالكلام في أمور .
أحدها : لا يحكم بانفساخ نكاحها ، بل يبقى كما كان . قال الإمام : سواء فرقنا بين الماضي ، والمستقبل ، أم لا ، ويصير النكاح كالمستوفى المقبوض ، واستدرك ، فقال : إن كان الزوج ممن لا يحل له نكاح الإماء ، انفسخ نكاحه ، لأن الأولاد الذين يلدهم في المستقبل أرقاء كما سنذكره - إن شاء الله تعالى - فليس له الثبات عليه ، وهذا حسن ، لكن صرح ابن كج ابن الصباغ بخلافه .
قلت : الأصح : أنه لا ينفسخ كما قال ابن الصباغ ، كالحر إذا وجد الطول بعد نكاح الأمة . والله أعلم .
ثم أطلق الأصحاب أن للزوج خيار فسخ النكاح ، ونص عليه في " المختصر " . قال الشيخ أبو علي : هذا إذا نكحها على أنها حرة ، فإن توهم الحرية ، ولم يجر شرطها ، ففيه خلاف نذكره في النكاح - إن شاء الله تعالى - .
الثاني : في المهر ، ومتى ثبت للزوج الخيار ، ففسخ قبل الدخول ، فلا شيء عليه ، [ ص: 449 ] وإن كان بعده ، لزمه أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل . وإن أجاز ، لزمه المسمى ، قاله البغوي . فإن طلقها بعد الإجازة ، وقبل الدخول ، لزمه نصف المسمى ، وفيه إشكال ، لأن المقر له يزعم فساد النكاح ، فإذا لم يكن دخول ، وجب أن لا يطالب بشيء ، وقد يشعر بهذا إطلاق . الغزالي
قلت : الراجح : أنه لا يلزمه شيء لما ذكره . والله أعلم .
فإن كان الزوج أعطاها الصداق ، لم يطالب به ثانيا .
الثالث : أولادها ، فالذين حصلوا قبل الإقرار أحرار ، ولا يلزم للزوج قيمتهم . والحادثون بعده أرقاء ، لأنه وطئها عالما برقها . قال الإمام : هذا ظاهر إن قبلنا الإقرار فيما يضر بالغير في المستقبل . فإن لم نقبله ، فيحتمل أن يقال بحريتهم لصيانة حق الزوج ، كما أدمنا النكاح صيانة له ، ويحتمل أن يقال برقهم ، وهو ظاهر ما أطلقه الأصحاب ، لأن العلوق متوهم فلا يجعل مستحقا بالنكاح ، بخلاف الوطء .
الرابع : تردد الإمام في أنا إذا أدمنا النكاح ، تسلم إلى الزوج تسليم الإماء ، أم تسليم الحرائر ؟ فالظاهر : الثاني ، وإلا ، لعظم الضرر على الزوج ، واختلت مقاصد النكاح ، ويؤيده قول - رضي الله عنه - في " المختصر " : لا أصدقها على فساد النكاح ، ولا على ما يجب عليها للزوج . الشافعي
الخامس : في العدة . وأما عدة الطلاق ، فإن كان رجعيا وطلقها ، ثم أقرت ، فعليها ثلاثة أقراء ، وله الرجعة في جميعها ، لأنه ثبت ذلك بالطلاق . وإن أقرت ثم طلقها ، فكذلك على الصحيح الذي قطع به الأكثرون ، لأن النكاح أثبت له [ ص: 450 ] الرجعة في ثلاثة أقراء . والثاني : تعتد بقرئين ، لأنه أمر يتعلق بالمستقبل كإرقاق أولادها ، وصححه ، وحكاه عن أبو الفرج الزاز ابن سريج . وإن كان الطلاق بائنا ، فهو كالرجعي على الأصح ، لأن العدة فيهما لا تختلف . والثاني : تعتد بقرئين مطلقا ، لأنها رقيقة وليست للزوج رجعة . وأما عدة الوفاة ، فإنها بشهرين ، وخمسة أيام ، عدة الإماء ، نص عليه ، سواء أقرت قبل موت الزوج أو بعده في العدة ، لأنها حق الله تعالى ، فقبل في قولها انتقاضها ، وليس فيها إضرار بأحد . وفي وجه : لا يجب عليها عدة الوفاة أصلا ، لأنها تزعم بطلان النكاح من أصله ، وقد مات الزوج ، فعلى هذا ، إن جرى دخول ، لزمها الاستبراء . قال الإمام : والقول في أنه بقرء ، أم بقرئين ، على ما سبق في التفريع على القول . فإن لم يجر دخول ، فهل تستبرئ بقرء كما لو اشتريت من امرأة ، أو مجبوب ، أم لا استبراء أصلا لانقطاع حقوق الزوج ؟ فيه احتمالان للإمام ، وبالثاني قطع . هذا كله إذا كان المقر أنثى . فإن الغزالي ، فإن قبلنا إقراره مطلقا ، فهذا نكاح فاسد ، فيفرق بينهما ، ولا مهر إن لم يقع دخول ، وإن وقع ، فعليه مهر المثل ، كذا قاله الجمهور . وقال في " المهذب " - وأبداه الإمام احتمالا - : أن عليه الأقل من مهر المثل والمسمى . ثم متعلق الواجب ذمته ، أم رقبته ؟ قولان أظهرهما : الأول . وإن قبلنا إقراره فيما يضره دون غيره ، حكمنا بانفساخ النكاح ، ولم نقبل قوله في المهر ، فعليه نصف المسمى إن لم يدخل ، وجميعه إن دخل ، ويؤدي ذلك مما في يده ، أو من كسبه في الحال ، أو المستقبل ، فإن لم يوجد ، ففي ذمته إلى أن يعتق . كان ذكرا فبلغ ، ونكح ، ثم أقر بالرق
الفرع الثاني : إذا ، فإن قبلنا إقراره مطلقا ، فالأموال تسلم للمقر له ، والديون في ذمته . وإن قبلناه فيما يضره دون غيره ، قضينا الديون مما في يده . فإن فضل من المال شيء ، فهو للمقر له ، وإن بقي من الدين شيء ، ففي ذمته إلى أن يعتق . كانت عليه ديون وقت الإقرار بالرق ، وفي يده أموال
[ ص: 451 ] الفرع الثالث : إذا ، فإن قبلنا الإقرار مطلقا ، فالبيع ، والشراء باطلان ، فإن كان ما باعه باقيا في يد المشتري ، أخذه المقر له ، وإلا ، طالبه بقيمته . والثمن إن أخذه المقر وأتلفه ، فهو في ذمته إلى أن يعتق ، وإن كان باقيا رده ، وما اشتراه إن كان باقيا في يده ، رده إلى بائعه ، وإلا ، استرد الثمن من البائع ، وحق البائع يتعلق بذمته ، وإن قلنا : لا يقبل فيما يضر غيره ، لم نبطلهما ، ثم ما باعه إن لم يستوف ثمنه ، استوفاه المقر له ، وإن كان استوفاه ، لم يطالب المشتري ثانيا ، وما اشتراه إن كان وزن ثمنه ، فقد تم العقد ، وسلم المبيع للمقر له . وإن لم يزن ، فإن كان في يده مال حين أقر بالرق ، وزن الثمن منه ، وإلا ، فهو كإفلاس المشتري ، فيرجع البائع إلى عين ماله إن كان باقيا ، وإلا ، فهو في ذمة المقر حتى يعتق . باع ، أو اشترى بعد البلوغ ، ثم أقر بالرق
الفرع الرابع : ، فإن كانت الجناية عمدا ، فعليه القصاص ، سواء كان المجني عليه حرا أو عبدا . وإن كانت خطأ ، فإن كان في يده مال ، أخذ الأرش منه ، كذا قاله جنى ثم أقر بالرق البغوي ، وهو خلاف قياس القولين ، لأن أرش الخطأ لا يتعلق بما في يد الجاني حرا كان أو عبدا ، وإن لم يكن في يده مال ، تعلق الأرش برقبته على القولين . وقال القاضي أبو الطيب : إن قلنا : لا يقبل إقراره فيما يضر غيره ، فالأرش في بيت المال . فلو زاد الأرش على قيمة الرقبة ، فالزيادة في بيت المال على هذا القول قطعا .
[ الفرع ] الخامس : ، فإن كانت الجناية عمدا والجاني عبدا ، اقتص منه . وإن كان حرا ، فلا قصاص ، ويكون كالخطأ . وإن كانت خطأ ، فإن قبلنا إقراره مطلقا ، فعلى الجاني كمال قيمته إن صارت قتلا ، وإلا ، فما تقتضيه جراحة العبد . وإن قبلناه فيما يضره دون غيره ، وكانت الجناية قطع يد ، فإن لم يزد نصف القيمة على نصف الدية ، فالواجب نصف القيمة ، وإن زاد ، فهل يجب [ ص: 452 ] نصف الدية ، أم نصف القيمة ؟ وجهان . أصحهما : الأول . هذا كله تفريع على تعلق الدية بقتل اللقيط . وفيه وجه سبق أن الواجب الأقل من الدية ، والقيمة ، وذلك الوجه مطرد في الطرف . جني عليه فقطع طرفه ، ثم أقر بالرق
فرع
لا فرق في جميع ما ذكرناه ، بين أن يقر بالرق ابتداء ، وبين أن يدع رقه شخص فيصدقه ، فلو ، ففي قبوله وجهان ، لأنه بالإنكار لزمه أحكام الأحرار . ادعى رجل رقه ، فأنكره ، ثم أقر له
قلت : ينبغي أن يفصل ، فإن قال : لست بعبد ، لم يقبل إقراره بعده ، وإن قال : لست بعبد لك ، فالأصح القبول ، إذ لا يلزم من هذه الصيغة الحرية . والله أعلم .
فرع
، فإن قبلنا إقراره بالرق ، فله تحليفه ، وإلا ، فلا ، إلا إذا جعلنا اليمين مع النكول كالبينة ، فله التحليف . ادعى مدع رقه ، فأنكر ولا بينة