قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_31921_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=28قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل nindex.php?page=treesubj&link=31907_32416_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون nindex.php?page=treesubj&link=28657_28743_31907_31910_34513_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين nindex.php?page=treesubj&link=28743_29676_31907_31910_31942_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين nindex.php?page=treesubj&link=28743_28752_31907_31910_31942_31952_34513_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين .
لما فرغ كلام
شعيب كرره
موسى عليه السلام ، وكرره معناه على جهة التوثق في أن الشرط إنما وقع في ثمان حجج. و "أيما" استفهام نصب بـ "قضيت"، و "ما" صلة للتأكيد. وقرأ الجمهور : "فلا عدوان" بضم العين، وقرأ
أبو حيوة : "فلا عدوان" بكسر العين، والمعنى: لا تبعة علي من قول ولا فعل. و "الوكيل": الشاهد القائم بالأمر.
[ ص: 588 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : ولما كمل هذا النكاح بينهما أمر
شعيب موسى عليهما السلام أن يسير إلى بيت له فيه عصي، وفيه هذه العصا، فروي أن العصا وثبت إلى
موسى فأخذها، وكانت عصا
آدم عليه السلام ، وكانت من غير ورقة الريحان، فروي أن
شعيبا أمره بردها ففعل وذهب يأخذ غيرها فوثبت إليه، وفعل ذلك ثالثة، فلما رأى
شعيب ذلك علم أنه مرشح للنبوة فتركها له، وقيل: إنما تركها له لأنه أمر
موسى بتركها فأبى
موسى عليه السلام ذلك، فقال له
شعيب : نمد إليها جميعا فمن طاوعت فهي له، فمد إليها
شعيب فثقلت، ومد
موسى فخفت ووثبت إليه، فعلما أن هذا من الترشيح، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : إن عصا
موسى إنما رفعها إليه
جبريل عليه السلام ليلا عند توجهه إلى
مدين .
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : سألني رجل من النصارى : أي الأجلين قضى
موسى ؟ فقلت: لا أدري حتى أقدم على خير
العرب ، أعني
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما-، فقدمت عليه فسألته، فقال: قضى أكملهما وأوفاهما، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال وفى، فعدت فأعلمت النصراني، فقال: صدق والله هذا العالم، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في ذلك جبريل عليه السلام ، فأخبره أنه قضى عشر سنين ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قضى عشرا وعشرا بعدها.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا ضعيف.
وفي قصص هذه الآية أن
موسى عليه السلام لما قضى الأجل أراد أن يسير بأهله إلى
مصر وقومه، وقد كان لا محالة أحس بالترشيح للنبوة، وكان رجلا غيورا لا يصحب الرفاق، فكان في بعض طريقه في ليلة مظلمة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش : كانت ليلة جمعة، ففقدوا النار، وأصلد الزناد، وضلوا الطريق، واشتد عليهم الخصر، فبينا هو كذلك إذ رأى نارا، وكان ذلك نورا من نور الله تعالى قد التبس بشجرة، قال
وهب : كانت عليقا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كانت عوسجا، وقيل: زعرورا، وقيل: سمرة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . و "آنس" معناه: أحس، والإحساس ها هنا بالبصر، ومن هذه اللفظة قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم [ ص: 589 ] منهم رشدا ، ومنها قول
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان :
انظر خليلي بباب جلق هل تؤنس دون البلقاء من أحد
وكان هذا الأمر كله في
جانب الطور ، وهو جبل معروف
بالشام ، والطور: كل جبل، وخصصه قوم بأنه الذي لا ينبت، فلما رأى
موسى النار سر، فقال لأهله: أقيموا فقد رأيت نارا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فلما قضى موسى الأجل عن الطريق، أين هو؟
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29أو جذوة أي: قطعة من النار في قطعة عود كبيرة لا لهب لها، إنما هي جمرة، ومن ذلك قول الشاعر :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وأحسب أن أصل الجذوة أصول الشجر، وأهل البوادي يوقدونها أبدا، فهي الجذوة في الحقيقة، ومنه قول
السلمي يصف الصلى:
حما حب هذا النار حب خليلي وحب الغواني فهي دون الحبائب
وبدلت بعد المسك والبان شقوة دخان الجذا في رأس أشمط شاحب
[ ص: 590 ] وقرأ الجمهور : "جذوة" بكسر الجيم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : "جذوة" بضمها، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "جذوة" بفتحها، وهي لغات، والصلى: حر النار، و "تصطلون" تفتعلون، أبدلت التاء طاء.
فلما أتى
موسى ذلك الضوء الذي رآه وهو في تلك الليلة ابن أربعين سنة، نبئ صلى الله عليه وسلم، فروي
أنه كان يمشي إلى ذلك النور فكان يبعد منه، تمشي به الشجرة وهي غضة خضراء حتى نودي . والشاطئ والشط: ضفة الوادي، وقوله: "الأيمن" يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطئ، ويحتمل أن يكون معادلا لليسار، فذلك لا يوصف به الشاطئ إلا بالإضافة إلى
موسى في استقباله مهبط الوادي، أو بعكس ذلك، وكل ذلك قد قيل. وبركة البقعة هي ما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه
لموسى عليه السلام ، والناس على ضم الباء من "بقعة"، وقرأ بفتحها
nindex.php?page=showalam&ids=14798الأشهب العقيلي ، قال
أبو زيد : سمعت من
العرب : "هذه بقعة طيبة" بفتح الباء. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30من الشجرة يقتضي أن
موسى عليه السلام سمع ما سمع من جهة الشجرة، وسمع وأدرك غير مكيف ولا محدد. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30أن يا موسى يحتمل أن تكون "أن" مفسرة، ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر. وقرأت فرقة: "أني أنا الله" بفتح الهمزة من "إني".
ثم أمره الله تعالى بإلقاء العصا فألقاها فانقلبت حية عظيمة، ولها اضطراب الجان، وهو صغير الحيات، فجمعت هول الثعبان ونشاط الجان. وقالت فرقة: بل الجان يعم الصغير والكبير، وإنما شبه بالجان جملة العصا لاضطرابها فقط، وولى
موسى عليه السلام مدبرا فزعا منها.
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31ولم يعقب معناه: لم يرجع على عقبه من توليه، فقال الله تبارك وتعالى له:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ، وهذا من تأمين الله تعالى
[ ص: 591 ] إياه، ثم أمره بأن يدخل يده في جيبه، وهو فتح الجبة من حيث يخرج رأس الإنسان، وروي أن كم الجبة كان في غاية الضيق فلم يكن له جيب تدخل يده إلا في جيبه. و "اسلك" معناه: أدخل، ومنه قول الشاعر:
حتى سلكن الشوى منهن في مسك من نسل جوابة الآفاق مهداج
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32من غير سوء أي: من غير مرض ولا مثله، وروي أن يده كانت تضيء كأنها قطعة شمس.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32واضمم إليك جناحك من الرهب ، ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد إلى أن ذلك على المجاز والاستعارة، وأنه أمره بالعزم على ما أمر به وأنه كما تقول
العرب : "اشدد حيازيمك، واربط جأشك"، أي: شمر في أمرك، ودع الرهب، وذلك لما كثر تخوفه وفزعه في غير ما موطن، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي . وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فذانك برهانان قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : هي إشارة إلى العصا واليد.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، والناس: "الرهب" بفتح الراء والهاء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : "الرهب" بسكون الهاء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم أيضا: "الرهب" بضم الراء والهاء. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو : "فذانك" بشد النون،
[ ص: 592 ] وقرأ الباقون: "فذانك" بالتخفيف بالنون، وقرأ
شبل عن ابن كثير : "فذانيك" بياء بعد النون المخففة، أبدل إحدى النونين ياء كراهة التضعيف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "فذانيك" بالياء أيضا مع شد النون، وهي لغة
هذيل ، وحكى
المهدوي أن لغتهم تخفي النون، و "برهانان": حجتان ومعجزتان. وباقي الآية بين.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_31921_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=28قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ nindex.php?page=treesubj&link=31907_32416_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28657_28743_31907_31910_34513_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28743_29676_31907_31910_31942_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28743_28752_31907_31910_31942_31952_34513_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ .
لَمَّا فَرَغَ كَلَامُ
شُعَيْبٍ كَرَّرَهُ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَرَّرَهُ مَعْنَاهُ عَلَى جِهَةِ التَّوَثُّقِ فِي أَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي ثَمَانِ حِجَجٍ. وَ "أَيَّمَا" اسْتِفْهَامٌ نُصِبَ بِـ "قَضَيْتُ"، وَ "مَا" صِلَةٌ لِلتَّأْكِيدِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : "فَلَا عُدْوَانَ" بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : "فَلَا عِدْوَانَ" بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَالْمَعْنَى: لَا تَبِعَةَ عَلَيَّ مِنْ قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ. وَ "الْوَكِيلُ": الشَّاهِدُ الْقَائِمْ بِالْأَمْرِ.
[ ص: 588 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ : وَلَمَّا كَمُلَ هَذَا النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَمَرَ
شُعَيْبٌ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى بَيْتٍ لَهُ فِيهِ عِصِيٌّ، وَفِيهِ هَذِهِ الْعَصَا، فَرُوِيَ أَنَّ الْعَصَا وَثَبَتْ إِلَى
مُوسَى فَأَخَذَهَا، وَكَانَتْ عَصَا
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَانَتْ مِنْ غَيْرِ وَرَقَةِ الرَّيْحَانِ، فَرُوِيَ أَنَّ
شُعَيْبًا أَمَرَهُ بِرَدِّهَا فَفَعَلَ وَذَهَبَ يَأْخُذُ غَيْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ثَالِثَةً، فَلَمَّا رَأَى
شُعَيْبٌ ذَلِكَ عَلِمْ أَنَّهُ مُرَشَّحٌ لِلنُّبُوَّةِ فَتَرَكَهَا لَهُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا تَرَكَهَا لَهُ لِأَنَّهُ أَمَرَ
مُوسَى بِتَرْكِهَا فَأَبَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ
شُعَيْبٌ : نَمُدُّ إِلَيْهَا جَمِيعًا فَمَنْ طَاوَعَتْ فَهِيَ لَهُ، فَمَدَّ إِلَيْهَا
شُعَيْبٌ فَثَقُلَتْ، وَمَدَّ
مُوسَى فَخَفَّتْ وَوَثَبَتْ إِلَيْهِ، فَعَلِمَا أَنَّ هَذَا مِنَ التَّرْشِيحِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ : إِنَّ عَصَا
مُوسَى إِنَّمَا رَفَعَهَا إِلَيْهِ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْلًا عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى
مَدْيَنَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : سَأَلَنِي رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى : أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى
مُوسَى ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى خَيْرِ
الْعَرَبِ ، أَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَ: قَضَى أَكْمَلَهُمَا وَأَوْفَاهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ وَفَّى، فَعُدْتُ فَأَعْلَمْتُ النَّصْرَانِيَّ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ هَذَا الْعَالِمْ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ فِي ذَلِكَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَضَى عَشْرًا وَعَشْرًا بَعْدَهَا.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَفِي قَصَصِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَا قَضَى الْأَجَلَ أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ بِأَهْلِهِ إِلَى
مِصْرَ وَقَوْمِهِ، وَقَدْ كَانَ لَا مَحَالَةَ أَحَسَّ بِالتَّرْشِيحِ لِلنُّبُوَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا غَيُورًا لَا يَصْحَبُ الرِّفَاقَ، فَكَانَ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَّاشُ : كَانَتْ لَيْلَةَ جُمْعَةٍ، فَفَقَدُوا النَّارَ، وَأَصْلَدَ الزِّنَادُ، وَضَلُّوا الطَّرِيقَ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْخَصَرُ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ رَأَى نَارًا، وَكَانَ ذَلِكَ نُورًا مِنْ نُورِ اللَّهِ تَعَالَى قَدِ الْتَبَسَ بِشَجَرَةٍ، قَالَ
وَهْبٌ : كَانَتْ عُلِّيقًا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : كَانَتْ عَوْسَجًا، وَقِيلَ: زُعْرُورًا، وَقِيلَ: سَمُرَةٌ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ . وَ "آنَسَ" مَعْنَاهُ: أَحَسَّ، وَالْإِحْسَاسُ هَا هُنَا بِالْبَصَرِ، وَمِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ [ ص: 589 ] مِنْهُمْ رُشْدًا ، وَمِنْهَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانَ :
انْظُرْ خَلِيلِي بِبَابِ جِلَّقَ هَلْ تُؤْنِسُ دُونَ الْبَلْقَاءِ مَنْ أَحَدِ
وَكَانَ هَذَا الْأَمْرُ كُلُّهُ فِي
جَانِبِ الطُّورِ ، وَهُوَ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ
بِالشَّامِ ، وَالطُّورُ: كُلُّ جَبَلٍ، وَخَصَّصَهُ قَوْمٌ بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يُنْبِتُ، فَلَمَّا رَأَى
مُوسَى النَّارَ سُرَّ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: أَقِيمُوا فَقَدْ رَأَيْتُ نَارًا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ عَنِ الطَّرِيقِ، أَيْنَ هُوَ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=29أَوْ جَذْوَةٍ أَيْ: قِطْعَةٍ مِنَ النَّارِ فِي قِطْعَةِ عُودٍ كَبِيرَةٍ لَا لَهَبَ لَهَا، إِنَّمَا هِيَ جَمْرَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا جَزْلَ الْجِذَا غَيْرَ خَوَّارٍ وَلَا دَعِرٍ
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَأَحْسَبُ أَنَّ أَصْلَ الْجَذْوَةَ أُصُولُ الشَّجَرِ، وَأَهْلُ الْبَوَادِي يُوقِدُونَهَا أَبَدًا، فَهِيَ الْجَذْوَةُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ
السُّلَمِيِّ يَصِفُ الصَّلَى:
حَمَّا حُبُّ هَذَا النَّارِ حُبَّ خَلِيلِي وَحُبَّ الْغَوَانِي فَهِيَ دُونَ الْحَبَائِبُ
وَبُدِّلْتُ بَعْدَ الْمِسْكِ وَالْبَانِ شِقْوَةً دُخَانَ الْجِذَا فِي رَأْسَ أَشْمَطَ شَاحِبِ
[ ص: 590 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : "جِذْوَةٍ" بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : "جُذْوَةٍ" بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمْ : "جَذْوَةٍ" بِفَتْحِهَا، وَهِيَ لُغَاتٌ، وَالصَّلَى: حَرُّ النَّارِ، وَ "تَصْطَلُونَ" تَفْتَعِلُونَ، أُبْدِلَتِ التَّاءُ طَاءً.
فَلَمَّا أَتَى
مُوسَى ذَلِكَ الضَّوْءَ الَّذِي رَآهُ وَهُوَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، نُبِّئَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُوِيَ
أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي إِلَى ذَلِكَ النُّورِ فَكَانَ يَبْعُدُ مِنْهُ، تَمْشِي بِهِ الشَّجَرَةُ وَهِيَ غُضَّةٌ خَضْرَاءُ حَتَّى نُودِيَ . وَالشَّاطِئُ وَالشَّطُّ: ضَفَّةُ الْوَادِي، وَقَوْلُهُ: "الْأَيْمَنِ" يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْيُمْنِ صِفَةً لِلْوَادِي أَوْ لِلشَّاطِئِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِلْيَسَارِ، فَذَلِكَ لَا يُوصَفُ بِهِ الشَّاطِئُ إِلَّا بِالْإِضَافَةِ إِلَى
مُوسَى فِي اسْتِقْبَالِهِ مَهْبِطَ الْوَادِي، أَوْ بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ قِيلَ. وَبَرَكَةُ الْبُقْعَةْ هِيَ مَا خُصَّتْ بِهِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْوَارِهِ وَتَكْلِيمِهِ
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَالنَّاسُ عَلَى ضَمِّ الْبَاءِ مِنْ "بُقْعَةٍ"، وَقَرَأَ بِفَتْحِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْأَشْهَبُ الْعَقِيلِيُّ ، قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : سَمِعْتُ مِنَ
الْعَرَبِ : "هَذِهِ بَقْعَةٌ طَيِّبَةٌ" بِفَتْحِ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30مِنَ الشَّجَرَةِ يَقْتَضِي أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمِعَ مَا سَمِعَ مِنْ جِهَةِ الشَّجَرَةِ، وَسَمِعَ وَأَدْرَكَ غَيْرَ مُكَيَّفٍ وَلَا مُحَدَّدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30أَنْ يَا مُوسَى يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ "أَنْ" مُفَسِّرَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "أَنِّي أَنَا اللَّهُ" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ "إِنِّي".
ثُمْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلْقَاءِ الْعَصَا فَأَلْقَاهَا فَانْقَلَبَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً، وَلَهَا اضْطِرَابُ الْجَانِّ، وَهُوَ صَغِيرُ الْحَيَّاتِ، فَجَمَعَتْ هَوْلَ الثُّعْبَانِ وَنَشَاطَ الْجَانِّ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: بَلِ الْجَانُّ يَعُمُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَإِنَّمَا شَبَّهَ بِالْجَانِّ جُمْلَةَ الْعَصَا لِاضْطِرَابِهَا فَقَطْ، وَوَلَّى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مُدْبِرًا فَزِعًا مِنْهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وَلَمْ يُعَقِّبْ مَعْنَاهُ: لَمْ يَرْجِعْ عَلَى عَقِبِهِ مِنْ تَوَلِّيهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ ، وَهَذَا مِنْ تَأْمِينِ اللَّهِ تَعَالَى
[ ص: 591 ] إِيَّاهُ، ثُمْ أَمَرَهُ بِأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي جَيْبِهِ، وَهُوَ فَتْحُ الْجُبَّةِ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ رَأْسُ الْإِنْسَانِ، وَرُوِيَ أَنَّ كُمُ الْجُبَّةِ كَانَ فِي غَايَةِ الضِّيقِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ جَيْبٌ تُدْخِلُ يَدَهُ إِلَّا فِي جَيْبِهِ. وَ "اسْلُكْ" مَعْنَاهُ: أَدْخِلْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنَّ فِي مَسَكٍ مِنْ نَسْلِ جَوَّابَةِ الْآفَاقِ مِهْدَاجِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا مِثْلِهِ، وَرُوِيَ أَنْ يَدَهُ كَانَتْ تُضِيءُ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ شَمْسٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ، ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ، وَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْعَزْمِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ وَأَنَّهُ كَمَا تَقُولُ
الْعَرَبُ : "اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ، وَارْبُطْ جَأْشَكَ"، أَيْ: شَمِّرْ فِي أَمْرِكَ، وَدَعِ الرَّهْبَ، وَذَلِكَ لَمَّا كَثُرَ تَخَوُّفُهُ وَفَزَعُهُ فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَصَا وَالْيَدِ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192وَنَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو ، وَالنَّاسُ: "الرَّهَبِ" بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَاءِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ : "الرَّهْبِ" بِسُكُونِ الْهَاءِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمْ أَيْضًا: "الرُّهُبِ" بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَاءِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو : "فَذَانِّكَ" بِشَدِّ النُّونِ،
[ ص: 592 ] وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: "فَذَانِكَ" بِالتَّخْفِيفِ بِالنُّونِ، وَقَرَأَ
شِبْلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ : "فَذَانِيكَ" بِيَاءٍ بَعْدَ النُّونِ الْمُخَفَّفَةِ، أَبْدَلَ إِحْدَى النُّونَيْنِ يَاءً كَرَاهَةَ التَّضْعِيفِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : "فَذَانِّيكَ" بِالْيَاءِ أَيْضًا مَعَ شَدِّ النُّونِ، وَهِيَ لُغَةُ
هُذَيْلٍ ، وَحَكَى
الْمَهْدَوِيُّ أَنَّ لُغَتَهُمْ تُخْفِي النُّونَ، وَ "بُرْهَانَانِ": حُجَّتَانِ وَمُعْجِزَتَانِ. وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.