قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_32006_32016_32409_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون nindex.php?page=treesubj&link=30196_32006_32519_32944_34356_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم
القائل
قارون . لما وعظه قومه وندبوه إلى اتقاء الله تعالى في المال الذي أعطاه تفضلا منه عليه، أخذته العزة بالإثم فأعجب بنفسه، وقال لهم على جهة الرد عليهم والروغان عما ألزموه فيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78إنما أوتيته على علم عندي ، ولكلامه هذا وجهان يحملهما، وبكل واحد منهما قالت فرقة من المفسرين:
[ ص: 614 ] فقال الجمهور منهم: إنه ادعى أن عنده علما استوجب به أن يكون ذلك النعيم له وكذلك المال، ثم اختلفوا في العلم الذي أشار إليه، ما هو؟ فقال بعضهم: علم التوراة وحفظها، قالوا: وكانت هذه مغالطة ورياء، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12032أبو سليمان الداراني : أراد العلم بالتجارات ووجوه تمييز المال، فكأنه قال: أوتيته بإدراكي وبسعيي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : أراد علم الكيمياء.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد وغيره: إنما أراد: أوتيته على علم من الله تعالى وتخصيص من لدنه قصدني به، فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم، ثم جعل قوله: " عندي " كما تقول: "في معتقدي وعلى ما أراه".
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وعلى كلا الاحتمالين معا فقد نبه القرآن على خطئه في اغتراره، وعارض منزعه بأن من معلومات الناس المتحققة عندهم أن الله تعالى قد أهلك من الأمم والقرون والملوك من هو أشد من
قارون قوة وأكثر جمعا، إما للمال أو للحاشية. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أولم يعلم يرجح أن
قارون تشبع بعلم نفسه على زعمه.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : هو كلام متصل بمعنى ما قبله، والضمير في "ذنوبهم" عائد على من أهلك من القرون، أي: أهلكوا ولم يسأل غيرهم بعدهم عن ذنوبهم، أي: كل أحد إنما يسأل ويعاقب بحسب ما يخصه. وقالت فرقة: هو إخبار مستأنف عن حالهم يوم القيامة، معناه أن المجرمين لا يسألون عن ذنوبهم، أي أن الملائكة لا تسأل عن ذنوبهم; لأنهم يعرفونهم بسيماهم من السواد والتشويه ونحو ذلك، كقوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يعرف المجرمون بسيماهم .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وفي آيات الله ما يقتضي أن الناس يوم القيامة يسألون، كقوله تبارك وتعالى:
[ ص: 615 ] nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=24وقفوهم إنهم مسؤولون ، وغير ذلك، وفيه آيات تقتضي أنه لا يسأل أحد، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، وغير ذلك، ويمكن أن تكون الآيات التي توجب السؤال إنما يريد بها أسئلة التوبيخ والتقرير، والذي ينفيه يراد به أسئلة الاستفهام على جهة الحاجة إلى علم ذلك من المسؤولين، أي أن ذلك لا يقع; لأن العلم بهم محيط، وسؤال التوبيخ غير معتد به.
ثم أخبر تعالى أن
قارون خرج على قومه وقد أظهر قدرته من الملابس والمراكب وزينة الدنيا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : خرج في ثياب حمر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : خرج هو وحشمه في ثياب معصفرة، وقيل: في ثياب الأرجوان، وقيل غير هذا، وأكثر المفسرون في تحديد زينة
قارون وتعيينها -مما لا صحة له- فاختصرته. وباقي الآية في اغترار الجهلة والأغمار من الناس بين.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_32006_32016_32409_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30196_32006_32519_32944_34356_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
الْقَائِلُ
قَارُونُ . لَمَّا وَعَظَهُ قَوْمُهُ وَنَدَبُوهُ إِلَى اتِّقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِ، أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَأُعْجِبَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُمْ عَلَى جِهَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَالرَّوَغَانِ عَمَّا أَلْزَمُوهُ فِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ، وَلِكَلَامِهِ هَذَا وَجْهَانِ يَحْمِلُهُمَا، وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَتْ فِرْقَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ:
[ ص: 614 ] فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ: إِنَّهُ ادَّعَى أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا اسْتَوْجَبَ بِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّعِيمُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَالُ، ثُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عِلْمُ التَّوْرَاةِ وَحِفْظُهَا، قَالُوا: وَكَانَتْ هَذِهِ مُغَالَطَةً وَرِيَاءً، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12032أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ : أَرَادَ الْعِلْمَ بِالتِّجَارَاتِ وَوُجُوهِ تَمْيِيزِ الْمَالِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أُوتِيتُهُ بِإِدْرَاكِي وَبِسَعْيِي، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيِّبِ : أَرَادَ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا أَرَادَ: أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَخْصِيصٍ مِنْ لَدُنْهُ قَصَدَنِي بِهِ، فَلَا يَلْزَمُنِي فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا قُلْتُمْ، ثُمْ جُعِلَ قَوْلُهُ: " عِنْدِي " كَمَا تَقُولُ: "فِي مُعْتَقَدِي وَعَلَى مَا أَرَاهُ".
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَعَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ مَعًا فَقَدْ نَبَّهَ الْقُرْآنُ عَلَى خَطَئِهِ فِي اغْتِرَارِهِ، وَعَارِضَ مَنْزَعَهُ بِأَنَّ مِنْ مَعْلُومَاتِ النَّاسِ الْمُتَحَقِّقَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَهْلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ وَالْمُلُوكِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْ
قَارُونَ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا، إِمَّا لِلْمَالِ أَوْ لِلْحَاشِيَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78أَوَلَمْ يَعْلَمْ يُرَجِّحُ أَنَّ
قَارُونَ تَشَبَّعَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ عَلَى زَعْمِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : هُوَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي "ذُنُوبِهِمْ" عَائِدٌ عَلَى مَنْ أُهْلِكَ مِنَ الْقُرُونِ، أَيْ: أُهْلِكُوا وَلَمْ يُسْأَلْ غَيْرُهُمْ بَعْدَهُمْ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، أَيْ: كُلُّ أَحَدٍ إِنَّمَا يُسْأَلُ وَيُعَاقَبُ بِحَسْبِ مَا يَخُصُّهُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هُوَ إِخْبَارٌ مُسْتَأْنَفٌ عَنْ حَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ لَا يُسْأَلُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، أَيْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ; لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ مِنَ السَّوَادِ وَالتَّشْوِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَفِي آيَاتِ اللَّهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُسْأَلُونَ، كَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
[ ص: 615 ] nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=24وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَفِيهِ آيَاتٌ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْآيَاتُ الَّتِي تُوجِبُ السُّؤَالَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهَا أَسْئِلَةَ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيرِ، وَالَّذِي يَنْفِيهِ يُرَادُ بِهِ أَسْئِلَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى جِهَةِ الْحَاجَةِ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسْؤُولِينَ، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهِمْ مُحِيطٌ، وَسُؤَالُ التَّوْبِيخِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.
ثُمْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ
قَارُونَ خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ وَقَدْ أَظْهَرَ قُدْرَتَهُ مِنَ الْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَزِينَةِ الدُّنْيَا، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٌ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ : خَرَجَ فِي ثِيَابٍ حُمْرٍ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ : خَرَجَ هُوَ وَحَشَمُهُ فِي ثِيَابٍ مُعَصْفَرَةٍ، وَقِيلَ: فِي ثِيَابِ الْأُرْجُوَانِ، وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا، وَأَكْثَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَحْدِيدِ زِينَةِ
قَارُونَ وَتَعْيِينِهَا -مِمَّا لَا صِحَّةَ لَهُ- فَاخْتَصَرَتْهُ. وَبَاقِي الْآيَةِ فِي اغْتِرَارِ الْجَهَلَةِ وَالْأَغْمَارِ مِنَ النَّاسِ بَيِّنٌ.