الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 518 ] ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال ابن عباس، وابن عمر : يعني: الحمل والحيض، قتادة : هو الحمل وحده.

                                                                                                                                                                                                                                      وبعولتهن أحق بردهن في ذلك يعني: أجل العدة، إذا كان طلاقه واحدة أو اثنتين، أحبت المرأة ذلك أو كرهت، ويشهد على الرجعة كما أمر الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      والجماع رجعة في قول سائر العلماء، قال مالك وإسحاق : إذا أراد به الرجعة، وكذلك قال ابن القاسم وأشهب في القبلة، والمباشرة، وقال فيهما أبو حنيفة وأصحابه: إنهما رجعة إذا كانتا لشهوة، والشافعي وغيره: لا يكون مراجعا حتى يتكلم بالرجعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وليس في الرجعة صداق ولا ولي في قول سائر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف أي: لهن من إدرار النفقات، وإقامة [ ص: 519 ] الواجبات، والعدل بينهن [على من كانت له زوجات، وغير ذلك; من حسن العشرة، وإقالة العثرة]; مثل الذي عليهن; من التحفز، وحفظ الغيب، والطاعة، والتصاون، والنصح بحسب الاستطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس في الآية: إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : المعنى: تتقون الله فيهن، كما يتقينه فيكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وللرجال عليهن درجة قال مجاهد : هو ما فضله الله به عليها من الجهاد، والميراث، وغير ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : له أن يطلقها، وليس لها من الأمر شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : له منزلة في الأخذ عليها بالفضل في المعاملة، وقال: ما أحب أن أستوفي منها جميع حقي; لتكون لي عليها الفضيلة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 520 ] وقوله: الطلاق مرتان معناه: عدد الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان، والآية في قول أكثر العلماء محكمة، وقوله: فطلقوهن لعدتهن تبيين.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب بعض العلماء إلى أنها ناسخة لما كانوا عليه من أن الرجل كان يطلق زوجته من الطلاق ما شاء، فإذا كادت تحل راجعها، روي معناه عن مجاهد، وقتادة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم: هي منسوخة بقوله: فطلقوهن لعدتهن .

                                                                                                                                                                                                                                      [وقوله: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان يريد: بعد المرتين، وقيل: في جميع الصحبة].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      أكثر العلماء على أن الفدية إنما تجوز إذا كان النشوز من قبل المرأة، وأجاز أبو حنيفة وإن كان من قبل الزوج، قال: ولا يجبر على رد ما أخذه، وهو آثم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 521 ] ومذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم: أنه يجوز بمثل ما أعطاها، أو أقل، أو أكثر، وكره ابن المسيب، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وغيرهم أن يأخذ أكثر مما أعطاها، وقال عطاء، والزهري : ليس ذلك له.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب بكر بن عبد الله المزني إلى أنها منسوخة بالتي في (النساء) ؛ قوله تعالى: فلا تأخذوا منه شيئا [النساء: 20]، وقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا يعني: الطلقة الثالثة فإن طلقها يعني: الثاني; فلا جناح عليهما أن يتراجعا ؛ يعني: المرأة والزوج الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      والنكاح عند سائر العلماء الذي تحل به المبتوتة: النكاح في الفرج; وهو الوطء، سوى ابن المسيب ; فإنه رأى النكاح الصحيح إذا لم يرد به الإحلال [ ص: 522 ] يحلها وإن لم يطأ، ولا يحل الذمي الذمية للزوج المسلم المطلق ثلاثا في قول مالك وربيعة، ويحلها في قول أبي حنيفة، والشافعي، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يحل الصبي الذي يطأ مثله في قول مالك، ويحل عند الشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحل العبد في قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن إلى قوله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا قال الحسن، ومجاهد، وقتادة : هو الرجل يطلق، ثم يرتجع، ثم يطلق، ثم يرتجع، يطول عليها; اعتداء.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى فبلغن أجلهن : قاربن بلوغ الأجل.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تتخذوا آيات الله هزوا قال الحسن : كان الرجل يطلق، ثم يقول: إنما كنت لاعبا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 523 ] هذه الآية نزلت في رجل منع أخته من الرجوع إلى زوج كان طلقها، [وأخو المرأة: قيل: هو معقل بن يسار]، وقيل: ابن سنان، وقيل: هو جابر بن عبد الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو خطاب للأزواج; لأنهم كانوا يطلقون ويراجعون كلما قرب انقضاء العدة.

                                                                                                                                                                                                                                      فبلوغ الأجل على القول الأول انقضاؤه، وعلى القول الثاني: المقاربة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية