الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3034 [ ص: 123 ] 16 - حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه، فعرفته عائشة ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أدري لعله كما قال قوم: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم الآية.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه مشتمل على ذكر الريح والمطر الذي يأتي به الريح. ومكي بن إبراهيم بن بشر بن فرقد الحنظلي البلخي، ولفظ (مكي) على صورة النسبة اسمه وليس هو منسوبا إلى مكة، وقد وهم الكرماني فقال: مكي نسبة إلى مكة، وقال في موضع آخر: كالمنسوب إلى مكة، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وعطاء هو ابن أبي رباح.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه الترمذي في التفسير عن عبد الرحمن بن الأسود البصري، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن يحيى بن أيوب المروزي.

                                                                                                                                                                                  قوله: "مخيلة" بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، وهي السحابة التي يخلل فيها المطر. قوله: " وتغير وجهه" خوفا أن تصيب أمته عقوبة ذنب العامة كما أصاب الذين قالوا: هذا عارض ممطرنا الآية، فإن قلت: كيف يلتئم هذا مع قوله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ؟ قلت: الآية نزلت بعد هذه القصة، وهذه كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع لدرجته حيث لا يعذب أمته وهو فيهم، ولا يعذبهم أيضا وهم يستغفرون بعد ذهابه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  واستنبطت الصوفية من ذلك أن الإيمان الذي في القلوب أيضا يمنع من تعذيب أبدانهم كما كان وجوده فيهم مانعا منه. قوله: " فإذا أمطرت السماء" قد مر الكلام في (أمطر ومطر) في باب الاستسقاء، وفي رواية أبي ذر بدون الألف. قوله: " سري عنه" على صيغة المجهول؛ أي: كشف عنه ما خالطه من الوجل، يقال: سررت الثوب وسريته؛ إذا أخلقته، وسريت الجل عن الفرس؛ إذا نزعته عنه، والتشديد للمبالغة. قوله: " فعرفته عائشة" من التعريف؛ أي: عرفت النبي صلى الله عليه وسلم ما كان عرض له. قوله: " عارضا" وهو السحاب الذي يعترض في أفق السماء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية