الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكان يحض على الفطر بالتمر ، فإن لم يجد فعلى الماء ، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به ، ولا سيما القوة الباصرة ، فإنها تقوى به ، وحلاوة المدينة التمر ، ومرباهم عليه ، وهو عندهم قوت وأدم ورطبه فاكهة .

وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس . فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده . ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء ، ثم يأكل بعده ، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب .

وكان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي ، وكان فطره على رطبات إن وجدها ، فإن لم يجدها فعلى تمرات ، فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء .

[ ص: 49 ] ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند فطره : ( اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت ، فتقبل منا ، إنك أنت السميع العليم ) . ولا يثبت .

وروي عنه أيضا أنه كان يقول : ( اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت ) . ذكره أبو داود عن معاذ بن زهرة أنه بلغه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك .

وروي عنه أنه كان يقول إذا أفطر : ( ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى ) . ذكره أبو داود من حديث الحسين بن واقد ، عن مروان بن سالم المقفع ، عن ابن عمر .

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم : ( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ) . رواه ابن ماجه .

[ ص: 50 ] وصح عنه أنه قال : ( إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا ، فقد أفطر الصائم ) . وفسر بأنه قد أفطر حكما ، وإن لم ينوه ، وبأنه قد دخل وقت فطره كأصبح وأمسى ، ونهى الصائم عن الرفث والصخب والسباب وجواب السباب ، فأمره أن يقول لمن سابه : ( إني صائم ) فقيل : يقوله بلسانه وهو أظهر ، وقيل : بقلبه تذكيرا لنفسه بالصوم ، وقيل : يقوله في الفرض بلسانه ، وفي التطوع في نفسه ، لأنه أبعد عن الرياء .

التالي السابق


الخدمات العلمية