فصل
nindex.php?page=treesubj&link=2497وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فصام وأفطر ، وخير الصحابة بين الأمرين .
وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله .
فلو اتفق مثل هذا في الحضر
nindex.php?page=treesubj&link=2489وكان في الفطر قوة لهم على لقاء عدوهم فهل لهم الفطر ؟ فيه قولان أصحهما دليلا : أن لهم ذلك ، وهو اختيار
ابن تيمية ، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر
دمشق ، ولا ريب أن الفطر
[ ص: 51 ] لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر ، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة ، فإنها أحق بجوازه ، لأن القوة هناك تختص بالمسافر ، والقوة هنا له وللمسلمين ، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر ، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر ، ولأن الله تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [ الأنفال 60 ] . والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القوة بالرمي . وهو لا يتم ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوي ويعين عليه من الفطر والغذاء ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما دنوا من عدوهم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000892إنكم قد دنوتم من عدوكم ، والفطر أقوى لكم ) . وكانت رخصة ثم نزلوا منزلا آخر فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000893إنكم مصبحو عدوكم ، والفطر أقوى لكم فأفطروا ) فكانت عزمة [ فأفطرنا ] ، فعلل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التي يلقون بها العدو ، وهذا سبب آخر غير السفر ، والسفر مستقل بنفسه ، ولم يذكر في تعليله ولا أشار إليه ، فالتعليل به اعتبارا لما ألغاه الشارع في هذا الفطر الخاص ، وإلغاء
[ ص: 52 ] وصف القوة التي يقاوم بها العدو ، واعتبار السفر المجرد إلغاء لما اعتبره الشارع وعلل به .
وبالجملة . فتنبيه الشارع وحكمته يقتضي أن الفطر لأجل الجهاد أولى منه لمجرد السفر ، فكيف وقد أشار إلى العلة ونبه عليها وصرح بحكمها ، وعزم عليهم بأن يفطروا لأجلها . ويدل عليه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، عن
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000894سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم فتح مكة : ( إنه يوم قتال فأفطروا ) تابعه
nindex.php?page=showalam&ids=12022سعيد بن الربيع ، عن
شعبة . فعلل بالقتال ورتب عليه الأمر بالفطر بحرف الفاء ، وكل أحد يفهم من هذا اللفظ أن الفطر لأجل القتال .
وأما إذا تجرد السفر عن الجهاد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الفطر : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000895هي رخصة من الله ، فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ) .
وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في أعظم الغزوات وأجلها في غزاة
بدر وفي غزاة الفتح .
قال (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000896 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين ، يوم بدر والفتح ، فأفطرنا فيهما ) .
وأما ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره عن (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000897 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصمت ، وقصر وأتممت ) فغلط إما عليها وهو الأظهر ، أو منها وأصابها فيه ما أصاب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في قوله :
[ ص: 53 ] (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000898اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ، فقالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ، ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه ، وما اعتمر في رجب قط ) . وكذلك أيضا عمره كلها في ذي القعدة ، وما اعتمر في رمضان قط .
فصل
nindex.php?page=treesubj&link=2497وَسَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ ، فَصَامَ وَأَفْطَرَ ، وَخَيَّرَ الصَّحَابَةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ .
وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالْفِطْرِ إِذَا دَنَوْا مِنْ عَدُوِّهِمْ لِيَتَقَوَّوْا عَلَى قِتَالِهِ .
فَلَوِ اتَّفَقَ مِثْلُ هَذَا فِي الْحَضَرِ
nindex.php?page=treesubj&link=2489وَكَانَ فِي الْفِطْرِ قُوَّةً لَهُمْ عَلَى لِقَاءِ عَدُوِّهِمْ فَهَلْ لَهُمُ الْفِطْرُ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا دَلِيلًا : أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
ابن تيمية ، وَبِهِ أَفْتَى الْعَسَاكِرَ الْإِسْلَامِيَّةَ لَمَّا لَقُوا الْعَدُوَّ بِظَاهِرِ
دِمَشْقَ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْفِطْرَ
[ ص: 51 ] لِذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْفِطْرِ لِمُجَرَّدِ السَّفَرِ ، بَلْ إِبَاحَةُ الْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ تَنْبِيهٌ عَلَى إِبَاحَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، فَإِنَّهَا أَحَقُّ بِجِوَازِهِ ، لِأَنَّ الْقُوَّةَ هُنَاكَ تَخْتَصُّ بِالْمُسَافِرِ ، وَالْقُوَّةَ هُنَا لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ ، وَلِأَنَّ مَشَقَّةَ الْجِهَادِ أَعْظَمُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ ، وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْحَاصِلَةَ بِالْفِطْرِ لِلْمُجَاهِدِ أَعْظَمُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ بِفِطْرِ الْمُسَافِرِ ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) [ الْأَنْفَالِ 60 ] . وَالْفِطْرُ عِنْدَ اللِّقَاءِ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ .
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَسَّرَ الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ . وَهُوَ لَا يَتِمُّ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهُ إِلَّا بِمَا يُقَوِّي وَيُعِينُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِطْرِ وَالْغِذَاءِ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلصَّحَابَةِ لَمَّا دَنَوْا مِنْ عَدُوِّهِمْ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000892إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ ) . وَكَانَتْ رُخْصَةً ثُمَّ نَزَلُوا مَنْزِلًا آخَرَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000893إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوَّكُمْ ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا ) فَكَانَتْ عَزْمَةً [ فَأَفْطَرْنَا ] ، فَعَلَّلَ بِدُنُوِّهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ إِلَى الْقُوَّةِ الَّتِي يَلْقَوْنَ بِهَا الْعَدُوَّ ، وَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُ السَّفَرِ ، وَالسَّفَرُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي تَعْلِيلِهِ وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ ، فَالتَّعْلِيلُ بِهِ اعْتِبَارًا لِمَا أَلْغَاهُ الشَّارِعُ فِي هَذَا الْفِطْرِ الْخَاصِّ ، وَإِلْغَاءُ
[ ص: 52 ] وَصْفِ الْقُوَّةِ الَّتِي يُقَاوَمُ بِهَا الْعَدُوُّ ، وَاعْتِبَارُ السَّفَرِ الْمُجَرَّدِ إِلْغَاءٌ لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ وَعَلَّلَ بِهِ .
وَبِالْجُمْلَةِ . فَتَنْبِيهُ الشَّارِعِ وَحِكْمَتُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْفِطْرَ لِأَجْلِ الْجِهَادِ أَوْلَى مِنْهُ لِمُجَرَّدِ السَّفَرِ ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْعِلَّةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ بِحُكْمِهَا ، وَعَزَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُفْطِرُوا لِأَجْلِهَا . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16753عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ
شعبة ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000894سَمِعْتُ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : ( إِنَّهُ يَوْمُ قِتَالٍ فَأَفْطِرُوا ) تَابَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12022سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ
شعبة . فَعَلَّلَ بِالْقِتَالِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ بِالْفِطْرِ بِحَرْفِ الْفَاءِ ، وَكُلُّ أَحَدٍ يَفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْفِطْرَ لِأَجْلِ الْقِتَالِ .
وَأَمَّا إِذَا تَجَرَّدَ السَّفَرُ عَنِ الْجِهَادِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْفِطْرِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000895هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ ) .
وَسَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فِي أَعْظَمِ الْغَزَوَاتِ وَأَجَلِّهَا فِي غَزَاةِ
بَدْرٍ وَفِي غَزَاةِ الْفَتْحِ .
قَالَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000896 nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ غَزْوَتَيْنِ ، يَوْمَ بَدْرٍ وَالْفَتْحِ ، فَأَفْطَرْنَا فِيهِمَا ) .
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000897 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُمْتُ ، وَقَصَرَ وَأَتْمَمْتُ ) فَغَلَطٌ إِمَّا عَلَيْهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، أَوْ مِنْهَا وَأَصَابَهَا فِيهِ مَا أَصَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ :
[ ص: 53 ] (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000898اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ ، فَقَالَتْ : يَرْحَمُ اللَّهُ أبا عبد الرحمن ، مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ ) . وَكَذَلِكَ أَيْضًا عُمَرُهُ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعَدَةِ ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ قَطُّ .