الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل والذي صح عنه صلى الله عليه وسلم أن الذي يفطر به الصائم : الأكل والشرب [ ص: 57 ] والحجامة والقيء ، والقرآن دال على أن الجماع مفطر كالأكل والشرب ، لا [ ص: 58 ] يعرف فيه خلاف ، ولا يصح عنه في الكحل شيء .

وصح عنه أنه كان يستاك وهو صائم .

وذكر الإمام أحمد عنه ، أنه ( كان يصب الماء على رأسه وهو صائم ) .

وكان يتمضمض ويستنشق وهو صائم ، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق . ولا يصح عنه أنه احتجم وهو صائم ، قاله الإمام أحمد . وقد رواه البخاري في " صحيحه " قال أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد قال : لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة في الصيام ، يعني حديث سعيد ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم .

[ ص: 59 ] قال مهنا : وسألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم . فقال : ليس بصحيح ، قد أنكره يحيى بن سعيد الأنصاري ، إنما كانت أحاديث ميمون بن مهران عن ابن عباس نحو خمسة عشر حديثا .

وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله ذكر هذا الحديث فضعفه ، وقال مهنا : سألت أحمد عن حديث قبيصة ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما محرما ) فقال : هو خطأ من قبل قبيصة ، وسألت يحيى عن قبيصة بن عقبة ، فقال : رجل صدق ، والحديث الذي يحدث به عن سفيان ، عن سعيد بن جبير خطأ من قبله .

قال أحمد في كتاب الأشجعي : عن سعيد بن جبير مرسلا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ) ، ولا يذكر فيه صائما .

قال مهنا : وسألت أحمد عن حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم ) ؟ فقال : ليس فيه " صائم " ، إنما هو محرم ، ذكره سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه وهو محرم )

ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، ( احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم ) .

وروح ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء وطاووس ، عن ابن عباس ، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ) ، وهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون " صائما " .

وقال حنبل : حدثنا أبو عبد الله ، حدثنا وكيع ، عن ياسين الزيات ، عن رجل ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ( احتجم في رمضان بعد ما قال : " أفطر الحاجم [ ص: 60 ] والمحجوم ) قال أبو عبد الله : الرجل أراه أبان بن أبي عياش ، يعني : ولا يحتج به .

وقال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : روى محمد بن معاوية النيسابوري ، عن أبي عوانة ، عن السدي ، عن أنس ، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ) فأنكر هذا ، ثم قال : السدي عن أنس ؟ قلت : نعم ، فعجب من هذا .

قال أحمد : وفي قوله : ( أفطر الحاجم والمحجوم ) غير حديث ثابت .

وقال إسحاق : قد ثبت هذا من خمسة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والمقصود أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم ، ولا صح عنه أنه نهى الصائم عن السواك أول النهار ولا آخره ، بل قد روي عنه خلافه . ويذكر عنه ( من خير خصال الصائم السواك ) ، رواه ابن ماجه من حديث مجالد وفيه ضعف .

التالي السابق


الخدمات العلمية