الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      وأما أقسامه فبحسب القسمة العقلية عشرة ، لأن الأدلة أربعة ، ثم يقع بين كل واحد منها وباقيها ، فيقع بين الكتاب والكتاب ، وبين الكتاب والسنة ، والسنة والسنة ، وبين الكتاب والإجماع ، وبين الكتاب والقياس ، فهذه أربعة وبين السنة والسنة ، وبين السنة والإجماع ، وبين السنة والقياس ، فهذه ثلاثة وبين الإجماع والإجماع ، وبين الإجماع والقياس ، وبين القياس والقياس ، فهذه ثلاثة أما التعارض بين الكتاب والكتاب فلا حقيقة له في نفس الأمر ، وإنما قد يظن التعارض بينه ، ثم لا بد من دفعه بحمل عام على خاص ، أو مطلق على مقيد ، أو مجمل على مبين ، وغير ذلك من التصرفات فأما التعارض بين الكتاب والسنة ، فإن كان الخبر متواترا فالقول فيه كتعارض الآيتين ، وإن لم يكن متواترا فالكتاب مقدم على ما سبق وأما التعارض بين الكتاب والإجماع ، فإن ثبت عصمة الإجماع لم يتصور كالآيتين ، وإلا فالكتاب مقدم .

                                                      [ ص: 123 ] وأما التعارض بين الكتاب والقياس ، فالكتاب مقدم طبعا لعصمته دون القياس وأما تعارض السنتين فإن كانتا متواترين فكالكتاب بعضه ببعض ، وإن كانتا آحادا طلب ترجيح إحداهما على الأخرى بطريقة ، فإن تعذر فالخلاف في التخيير أو التساقط ، وإن كان إحداهما متواترا والأخرى آحادا فالمتواتر وأما تعارض السنة والإجماع فإن كانا قطعيين لم يكن التعارض بينهما كالآيتين ، وإن كان الإجماع قطعيا مع خبر الواحد فالإجماع مقدم ، وإن كان ظنيا مع خبر الواحد فقد تعارض دليلان ، والاحتمالات ثلاثة : ( ثالثها ) : يقدم الإجماع اللفظي المتواتر دون السكوتي ونحوه وأما تعارض السنة والقياس فلا شك في تقدم قاطع السنة عليه ، أما السنة غير المقطوع بها ، فإن كان القياس جليا ففي تقديمه عليها وعكسه تردد ، بناء على أنه دلالة لفظية ، أو قياسية وإن كان غير جلي قدم الخبر وأما تعارض الإجماع والإجماع ، فإن ثبت عصمتهما لم يتقدر التعارض بينهما كالآيتين ، وإن لم يثبت أمكن الجمع بينهما أو يرجح أحدهما بقوة مستنده أو صفته ، كتقدم الإجماع النصي على القياسي ، والنطقي على السكوتي ، واللفظي الحقيقي على المعنوي وأما تعارض الإجماع والقياس فإن ثبت عصمة الإجماع قدم ، وإن لم يثبت فهو تقدم الشبهي والطردي ونحوهما من الأقيسة الضعيفة أما القياس الجلي مع الإجماع ففيه تردد وأما تعارض القياس والقياس فهما إما جليان أو خفيان أو أحدهما جلي دون الآخر ، فالجليان يستعمل بينهما الترجيح ، وغير الجليين لا بد من الترجيح بينهما ، وإن كان أحدهما جليا قدم على غير الجلي ، وسيأتي تفصيله [ ص: 124 ] وأما تقدير أقسام التعارض ، من جهة دلالة الألفاظ قطعا ومفهوما وعموما وخصوصا وغير ذلك فكثير ، وسنفصلها .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية