الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك شرف الدولة الأهواز

في هذه السنة سار شرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة من فارس يطلب الأهواز ، وأرسل إلى أخيه أبي الحسين وهو بها يطيب نفسه ، ويعده الإحسان ، وأن يقره على ما بيده من الأعمال ، وأعلمه أن مقصده العراق ، وتخليص أخيه الأمير أبي نصر من محبسه ، فلم يصغ أبو الحسين إلى قوله ، وعزم على منعه ، وتجهز لذلك ، فأتاه الخبر بوصول شرف الدولة إلى أرجان ، ثم إلى رامهرمز ، فتسلل أجناده إلى شرف الدولة ونادوا بشعاره ، فهرب أبو الحسين نحو الري إلى عمه فخر الدولة ، فبلغ أصبهان وأقام بها ، واستنصر عمه فأطلق له مالا ووعده بنصره .

[ ص: 411 ] فلما طال عليه الأمر قصد التغلب على أصبهان ونادى بشعار أخيه شرف الدولة ، فثار به جندها وأخذوه أسيرا وسيروه إلى الري ، فحبسه عمه ، وبقي محبوسا إلى أن مرض عمه فخر الدولة مرض الموت ، فلما اشتد مرضه أرسل إليه من قتله ، وكان يقول شعرا ، فمن قوله :

هب الدهر أرضاني وأعتب صرفه وأعقب بالحسنى ، وفك من الأسر     فمن لي بأيام الشباب التي مضت
ومن لي بما قد فات في الحبس من عمري

وأما شرف الدولة فإنه سار إلى الأهواز وملكها ، وأرسل إلى البصرة فملكها ، وقبض على أخيه أبي طاهر ، وبلغ الخبر إلى صمصام الدولة ، فراسله في الصلح ، فاستقر الأمر على أن يخطب لشرف الدولة بالعراق قبل صمصام الدولة ، ويكون صمصام الدولة نائبا عنه ، ويطلق أخاه الأمير بهاء الدولة أبا نصر ، فأطلقه وسيره إليه ، وصلح الحال واستقام .

وكان قواد شرف الدولة يحبون الصلح لأجل العود إلى أوطانهم ، وخطب لشرف الدولة بالعراق ، وسيرت إليه الخلع والألقاب من الطائع لله ، فإلى أن عادت الرسل إلى شرف الدولة ليحلفوه ألقت إليه البلاد مقاليدها كواسط وغيرها ، وكاتبه القواد بالطاعة ، فعاد عن الصلح ، وعزم على قصد بغداذ والاستيلاء على الملك ، ولم يحلف لأخيه .

وكان معه الشريف أبو الحسن محمد بن عمر يشير عليه بقصد العراق ، ويحثه عليه ، ويطمعه فيه ، فوافقه على ذلك . وسنذكر باقي خبره سنة ست وسبعين [ وثلاثمائة ] ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية