الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب نواقض الوضوء

فائدتان إحداهما : الحدث يحل جميع البدن ، على الصحيح من المذهب ، ذكره القاضي وأبو الخطاب ، وأبو الوفاء ، وأبو يعلى الصغير ، وغيرهم ، وجزم به في الفروع . كالجنابة ، وقال في الفروع : ويتوجه وجه : لا يحل إلا أعضاء الوضوء فقط . والثانية : يجب الوضوء بالحدث . على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع . وقاله ابن عقيل وغيره . وقال أبو الخطاب في الانتصار : يجب بإرادة الصلاة بعده . قال ابن الجوزي : لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة ، بل يستحب . قال في الفروع : ويتوجه قياس المذهب أنه يجب بدخول الوقت كوجوب الصلاة إذن . ووجوب الشرط بوجوب المشروط . قال : ويتوجه مثله في الغسل . قال الشيخ تقي الدين : والخلاف لفظي . [ ص: 195 ] قوله { وهي ثمانية : الخارج من السبيلين : قليلا كان أو كثيرا ، نادرا أو معتادا } ، هذا المذهب مطلقا ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم . وقيل : لا ينقض خروج الريح من القبل . وقيل : لا ينقض خروج الريح من الذكر فقط . قال ابن عقيل : يحتمل أن يكون الأشبه بمذهبنا في الريح يخرج من الذكر : أن لا ينقض . قال القاضي أبو الحسين : هو قياس مذهبنا . وأطلق في الخارج من القبل في الرعايتين الوجهين .

فوائد منها : لو قطر في إحليله دهنا ثم خرج : نقض على الصحيح من المذهب ، جزم به في المغني ، وابن رزين ، وصححه في الشرح ، ومجمع البحرين . وقدمه ابن عبيدان . وقالوا : إنه لا يخلو من نتن يصحبه . وقال القاضي في المجرد : لا ينقض . قال في الحاوي الصغير : وإن خرج ما قطره في إحليله لم ينقض . وأطلقهما في الرعايتين وابن تميم فيما إذا يخرج منه شيء وقال : في نجاسته وجهان ، وأطلقهما في نجاسته في الرعاية الكبرى ، واختار إن خرج سائلا ببل نجس وإلا فلا . ومنها : لو احتشى في قبله أو دبره قطنا أو ميلا ، ثم خرج وعليه بلل : نقض على الصحيح من المذهب . وقيل : لا ينقض ، وإن خرج ناشفا ، فقيل : لا ينقض ، وهو ظاهر نقل عبد الله عن أحمد . ذكره القاضي في المجرد ، ورجحه ابن حمدان وقدمه ابن رزين في شرحه .

وقيل : ينقض ، رجحه في مجمع البحرين . وأطلقهما في الرعاية الصغرى ، والزركشي ، والمجد في شرحه ، وابن عبيدان ، وأطلقهما في المغني والشرح عما إذا احتشى قطنا . وقيل : ينقض إذا خرجت من الدبر خاصة . ذكره القاضي . وأطلقهما في الفروع وابن تميم . ومنها : إذا خرجت الحقنة من الفرج نقضت . قال ابن تميم : نقضت وجها واحدا قال صاحب النهاية : لا يختلف في ذلك المذهب . وهكذا لو وطئ امرأته دون الفرج [ ص: 196 ] فدب ماؤه . فدخل الفرج ، ثم خرج منه نقض . ولم يجب عليها الغسل على الصحيح من المذهب . وقيل : يغتسل منه ، وإن لم يخرج من الحقنة أو المني شيء فقيل : ينقض . وقيل : لا ينقض ، لكن إن كان المحتقن قد أدخل رأس الزراقة نقض . وقدمه ابن رزين في المني . والحقنة مثله . قلت : وهو ظاهر كلام المصنف ، والخرقي ، وغيرهما . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والزركشي ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وابن عبيدان .

وقيل : ينقض إذا كانت الحقنة في الدبر ، دون القبل ، وأطلقهن في الفروع ، وابن تميم ، وحواشي المقنع ، والرعاية الكبرى . ومنها : لو ظهرت مقعدته فعلم أن عليها بللا : لم ينقض على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وقيل : لا ينقض . وأطلقهما في مجمع البحرين ، وشرح ابن عبيدان ، وإن جهل أن عليها بللا لم ينتقض على الصحيح من المذهب ، وقيل : ينقض ، وجزم الزركشي بأنه لا ينقض إذا خرجت مقعدته ومعها بلة لم تنفصل عنها ثم عادت . ومنها : لو ظهر طرف مصران ، أو رأس دودة : نقض على الصحيح من المذهب وقيل : لا ينقض . ومنها : لو صب دهنا في أذنه فوصل إلى دماغه ، ثم خرج منها : لم ينقض . وكذلك لو خرج من فمه في ظاهر كلام الأصحاب ، قاله في الفروع . وقال أبو المعالي : ينقض . ومنها : إذا خرجت الحصاة من الدبر ، فهي نجسة على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب . وقال القاضي في الخلاف في مسألة المني الحصاة الخارجة من الدبر طاهرة . قال في الفروع : وهو غريب بعيد .

تنبيه : قوله { قليلا كان أو كثيرا ، نادرا أو معتادا } [ ص: 197 ] قال صاحب الهداية والمذهب والمستوعب . والتلخيص ، والرعاية وغيرهم : طاهرا كان أو نجسا .

فائدة : لو خرج من أحد فرجي الخنثى المشكل غير بول وغائط ، وكان يسيرا : لم ينقض على المذهب ، قاله الزركشي وغيره . قال في الرعاية : لم ينقض في الأشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية