الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فوائد إحداهما : " الجرية " ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة ، على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقطعوا به . وزاد المصنف : [ ص: 59 ] ما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها . وتابعه الشارح ، فجزم به هو وابن رزين . وقال ابن عقيل في الفنون " الجرية " ما فيه النجاسة . وقدر مساحتها : فوقها وتحتها ، ويمنتها ويسرتها .

نقله الزركشي . الثانية : لو امتدت النجاسة فما في كل جرية نجاسة منفردة على الصحيح من المذهب ، اختاره المصنف والشارح . وجزما به ، وابن رزين في شرحه . وقيل : الكل نجاسة واحدة . وأطلقهما في الفروع ، والرعاية الكبرى ، وابن تميم . الثالثة : متى تنجست جريات الماء بدون التغير . ثم ركدت في موضع . فالجميع نجس ، إلا أن يضم إليه كثير طاهر ، لاحق أو سابق . قال الإمام أحمد : ماء الحمام عندي بمنزلة الجاري . وقال في موضع آخر : وقيل : أنه بمنزلة الماء الجاري . قال المصنف : إنه جعله بمنزلة الماء الجاري إذا كان يفيض من الحوض . وقاله الشيخ تقي الدين . قال ابن تميم ، وقال بعض أصحابنا : الجاري من المطر على الأسطحة والطرق ، إن كان قليلا وفيه نجاسة : فهو نجس . قوله ( وإن كان كثيرا فهو طاهر إلا أن تكون النجاسة بولا أو عذرة مائعة ، ففيه روايتان ) . وأطلقهما في الإرشاد ، والمغني ، والشرح ، والتلخيص ، والبلغة ، وابن تميم ، وابن رزين في شرحه ، والفائق ، والفروع ، والمذهب الأحمد . إحداهما : لا ينجس . وعليه جماهير المتأخرين ، وهو المذهب عندهم . وهو ظاهر الإيضاح ، والعمدة ، والوجيز ، والخلاصة ، وإدراك الغاية ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، والتسهيل ، والمنتخب . وغيرهم .

لعدم ذكرهم لهما . وقدمه في المستوعب ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين . قال الشيخ تقي الدين : وتبعه في الفروع اختاره أكثر المتأخرين . قال ناظم المفردات : هذا قول الجمهور . قاله في المستوعب ، والتفريع عليه .

قال في المذهب : لم ينجس .

في أصح [ ص: 60 ] الروايتين ، قال ابن منجا في شرحه : عدم النجاسة أصح ، واختاره أبو الخطاب ، وابن عقيل ، والمصنف ، والمجد ، والناظم ، وغيرهم .

قلت : وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة . والأخرى : ينجس ، إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته . فلا ينجس . وهذا المذهب ، عند أكثر المتقدمين . قال في الكافي : أكثر الروايات أن البول والغائط ينجس الماء الكثير .

قال في المغني : أشهرهما أنه ينجس . وقال ابن عبيدان : أشهرهما أنه ينجس .

اختارها الشريف ، وابن البنا ، والقاضي . وقال اختارها الخرقي . وشيوخ أصحابنا . قال في تجريد العناية : هذه الرواية أظهر عنه . قال الزركشي : هي أشهر الروايتين عند أحمد . اختارها الأكثرون . قال ناظم المفردات : هي الأشهر ، قال الشيخ تقي الدين : اختارها أكثر المتقدمين . قال الزركشي : والمتوسطين أيضا ، كالقاضي ، والشريف ، وابن البنا ، وابن عبدوس ، وغيرهم ، وقدمه في الفصول ، وهو من مفردات المذهب . ولم يستثن في التلخيص إلا بول الآدمي فقط . وروى صالح عن أحمد مثله .

تنبيه : مراده بقوله ( إلا أن تكون النجاسة بولا ) بول الآدمي بلا ريب . بقرينة ذكر العذرة . فإنها خاصة بالآدمي ، وهو المذهب . وقطع به الجمهور مصرحين به . منهم صاحب المذهب ، والمغني ، والشرح ، والمحرر ، والبلغة ، وابن منجا في شرحه ، وابن عبيدان ، والرعاية الصغرى ، والفروع ، وغيرهم ، وقدمه في الفائق ، والرعاية الكبرى ، وابن تميم ، وغيرهم . وذكر القاضي : أن كل بول نجس حكمه حكم بول الأدمي .

نقله عنه ابن تميم وغيره . وحكاه في الرعاية قولا . وقال في الفائق : قال ابن أبي موسى : أو كل نجاسة يعني كالبول والغائط فأدخل غيرهما . وظاهره مشكل .

تنبيه : قطع المصنف هنا بأن تكون العذرة مائعة . وهو أحد الوجهين ، قطع الشارح ، وابن منجا في شرحه لابن عبيدان ، وابن تميم ، والخرقي ، والكافي [ ص: 61 ] والفصول ، والرعاية الصغرى ، والمذهب ، والتلخيص ، والبلغة ، والنظم ، وناظم المفردات ، والمذهب الأحمد ، وقدمه في الرعاية الكبرى . والوجه الثاني : يشترط أن تكون مائعة أو رطبة ، وهو المذهب ، جزم به في الإرشاد ، والمستوعب ، والمحرر ، والحاويين ، والفائق ، وتجريد العناية ، والزركشي ، وقدمه في الفروع .

فائدة : وكذا الحكم لو كانت يابسة وذابت على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وعنه الحكم كذلك ولو لم تذب .

التالي السابق


الخدمات العلمية