الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في الآية وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : عفا الله عما مضى في الجاهلية وعما سلف قبل التحريم في الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                            القول الثاني : وهو قول من لا يوجب الجزاء إلا في المرة الأولى ، أما في المرة الثانية فإنه لا يوجب الجزاء عليه ويقول : إنه أعظم من أن يكفره التصدق بالجزاء ، فعلى هذا ، المراد : عفا الله عما سلف في المرة الأولى بسبب أداء الجزاء ، ومن عاد إليه مرة ثانية فلا كفارة لجرمه بل ينتقم الله منه ، وحجة هذا القول أن [ ص: 81 ] الفاء في قوله : ( فينتقم الله منه ) فاء الجزاء ، والجزاء هو الكافي ، فهذا يقتضي أن هذا الانتقام كاف في هذا الذنب ، وكونه كافيا يمنع من وجوب شيء آخر ، وذلك يقتضي أن لا يجب الجزاء عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قال سيبويه في قوله : ( ومن عاد فينتقم الله منه ) وفي قوله : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ) [البقرة : 126] وفي قوله : ( فمن يؤمن بربه فلا يخاف ) [الجن : 13] إن في هذه الآيات إضمارا مقدرا ، والتقدير : ومن عاد فهو ينتقم الله منه ، ومن كفر فأنا أمتعه ، ومن يؤمن بربه فهو لا يخاف ، وبالجملة فلا بد من إضمار مبتدأ يصير ذلك الفعل خبرا عنه ، والدليل عليه : أن الفعل يصير بنفسه جزاء ، فلا حاجة إلى إدخال حرف الجزاء عليه فيصير إدخال حرف الفاء على الفعل لغوا ، أما إذا أضمرنا المبتدأ احتجنا إلى إدخال حرف الفاء عليه ليرتبط بالشرط فلا تصير الفاء لغوا ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية