الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أزيلت به النجاسة ، فانفصل متغيرا ، أو قبل زوالها ، فهو نجس ) . إذا انفصل الماء عن محل النجاسة متغيرا . فلا خلاف في نجاسته مطلقا ، وإن انفصل قبل زوالها غير متغير ، وكان دون القلتين : انبنى على تنجيس القليل بمجرد ملاقاة النجاسة ، على ما يأتي في أول الفصل الثالث . وقيل : بطهارته على محل نجس مع عدم تغيره ; لأنه وارد ، واختاره في الحاوي الكبير . ذكره في باب إزالة النجاسة ، لأنه لو كان نجسا لما طهر المحل ; لأن تنجيسه قبل الانفصال ممتنع . وعقيب الانفصال ممتنع ; لأنه لم يتجدد له ملاقاة النجاسة . قوله ( وإن انفصل غير متغير بعد زوالها ، فهو طاهر ) . إن كان المحل أرضا ، هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في مجمع البحرين : ولا خلاف بين الأصحاب في طهارة هذا في الأرض ، وجزم به في المحرر ، والنظم ، والوجيز . وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وابن تميم وغيرهم . وذكر القاضي ، وأبو الخطاب ، وأبو الحسين وجها : أن المنفصل عن [ ص: 46 ] الأرض . كالمنفصل عن غيرها في الطهارة والنجاسة . وحكاه ابن البنا في خصاله رواية . قلت : وهو بعيد جدا . وعنه : طهارة منفصلة عن أرض أعيان النجاسة فيه مشاهدة .

قوله ( وإن كان غير الأرض فهو طاهر ) . في أصح الوجهين . وكذا قال ابن تميم ، وصاحب المغني ، والهداية ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وقدمه في الفروع ، والمستوعب ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين وغيرهم . قال في الكافي : أظهرهما طهارته ، وصححه في مجمع البحرين ، والنظم ، وابن عبيدان . والوجه الثاني : أنه نجس ، اختاره ابن حامد . وأطلقهما في الخلاصة .

تنبيه : محل الخلاف وهو مراد المصنف وغيره ممن أطلق إذا كان المزال به دون القلتين . أما إذا كان قلتين فأكثر ، فإنه طهور بلا خلاف . قاله في الرعاية ، وهو واضح .

تنبيه : كثير من الأصحاب يحكي الخلاف وجهين . وحكاهما ابن عقيل ومن تابعه روايتين ، وقدمه في المستوعب .

فائدة : فعلى القول بنجاسته : يكون المحل المنفصل عنه طاهرا . صرح به الآمدي . ومعناه كلام القاضي . وقيل : المحل نجس كالمنفصل عنه . جزم به في الانتصار ، وهو ظاهر كلام الحلواني . قال ابن تميم : وما انفصل عن محل النجاسة متغيرا بها : فهو والمحل نجسان ، وإن استوفى العدد . وقال الآمدي : يحكم بطهارة المحل . انتهى . وقال ابن عبيدان لما نصر أن الماء المنفصل بعد طهارة المحل طاهر ولنا : أن المنفصل بعض المتصل . فيجب أن يعطى حكمه في الطهارة [ ص: 47 ] والنجاسة . كما لو أراق ماء من إناء . ولا يلزم الغسالة المتغيرة بعد طهارة المحل ; لأنا لا نسلم قصور ذلك ، بل نقول : ما دامت الغسالة متغيرة فالمحل لم يطهر . وقال في الفروع : وفي طهارة المحل مع نجاسة المنفصل وجهان . قوله ( وهل يكون طهورا ؟ على وجهين ) . بناء على الروايتين ، فيما إذا رفع به حدث ، على ما تقدم . وأطلقهما في الكافي ، والمحرر ، والمستوعب ، والمغني ، وابن تميم ، والحاويين . أحدهما : لا يكون طهورا ، وهو المذهب ، جزم به في الوجيز وغيره . وصححه في التصحيح وغيره .

وقدمه في الفروع ، والرعايتين وغيرهم . قال في مجمع البحرين : هذا الصحيح . والوجه الثاني : أنه طهور . قال المجد : وهو الصحيح ، قال الشيخ تقي الدين : هذا أقوى .

فائدة :

ظاهر كلام المصنف : أن الماء في محل التطهير لا يؤثر تغيره والحالة هذه ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزموا به . وقيل : فيه قول يؤثر . ، واختاره الشيخ تقي الدين . وقال : التفريق بينهما بوصف غير مؤثر لغة وشرعا . ونقل عنه في الاختيارات أنه قال : اختاره بعض أصحابنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية