الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وكماله ) أي التعيين كما في المحرر وعبر عنه في الروضة بكمال النية ( في رمضان أن ينوي صوم غد ) أي اليوم الذي يلي الليلة التي ينوي فيها ( عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى ) بإضافة رمضان لتتميز عن أضدادها ، ولفظ غد قد اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين ، وهو في الحقيقة ليس من حد التعيين وإنما وقع ذلك من نظرهم إلى التبييت فلا يجب التعرض له بخصوصه لحصول التعيين دونه ، ومن ثم لو نوى جميع الشهر [ ص: 161 ] حصل له اليوم الأول . قال في الأنوار : ويشترط أن يحضر في الذهن صفات الصوم مع ذاته ثم يضم القصد إلى ذلك المعلوم ، فلو خطر بباله الكلمات مع جهله معناها لم يصح ا هـ .

                                                                                                                            ويغني عن ذكر الأداء أن يقول : عن هذا الرمضان ، واحتيج لذكره مع هذه السنة وإن اتحد محترزهما ، إذ فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء ; لأن لفظ الأداء يطلق ويراد به الفعل ، وقياسه أن نية الأداء في الصلاة لا تغني عن ذكر اليوم وأنه يسن الجمع بينهما ، وقول الرافعي ذكر الغد يغني عن ذكر السنة رده الإسنوي بأن اليوم الذي يصومه غير اليوم الذي يصوم عنه ، فالتعرض للغد يفيد الأول وللسنة يفيد الثاني ، إذ يصح أن يقال لمن نوى صوم الغد من هذه السنة عن فرض رمضان صيامك اليوم المذكور هل هو عن فرض هذه السنة أو عن فرض سنة أخرى ؟ فالحاصل أن هذه السنة إنما ذكروها آخرا لتعود إلى المؤدى به : أي ومن ثم كان رمضان مضافا لما بعده ، وما بحثه الأذرعي من تعين التعرض لها أو للأداء إذا كان عليه قضاء رمضان قبله يرد بأن الأصل هنا القياس على الصلاة ، ونظير ذلك لا يتعين ثم فلا يتعين هنا ، وسببه أن الأداء والقضاء جنسهما واحد وهو فرض رمضان فلا نظر لاختلاف نوعهما قياسا على ما مر عن القفال ( وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة ) وتقدم عدم اشتراط ما عدا الفرضية ، أما هي فمقتضى كلامه كالروضة وأصلها اشتراطها ، لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها ، وهو المعتمد . وفرق بأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا ، بخلاف الصلاة فتقع المعادة نفلا . قال الإسنوي : وعليه الفتوى ولا يرد اشتراط نيتها في المعادة أيضا كما مر لمحاكاة ما فعله أولا ( والصحيح أنه لا يشترط تعيين السنة ) كما لا يشترط الأداء لأن المقصود منهما واحد ، والثاني يشترط ليمتاز ذلك عما يأتي به في سنة أخرى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعبر عنه في الروضة بكمال النية ) أي وهي وإن كانت غير التعيين لكن المراد منهما واحد .

                                                                                                                            ( قوله : لحصول التعيين دونه ) أي كأن يقول [ ص: 161 ] الخميس مثلا عن رمضان ، أو رمضان بدون ذكر يوم .

                                                                                                                            ( قوله : أن يحضر في الذهن صفات الصوم ) ومنها كون الشهر رمضان وإلا لم يحصل له اليوم الأول ولا غيره انتهى سم ( قوله : إلى المؤدى به ) أي لا المؤدى عنه ( قوله : وعليه الفتوى ) أي على عدم اشتراط نية الفرضية هنا ( قوله لمحاكاة ما فعله أولا ) أي ولكن مقتضى التعليل بقوله وفرق بأن صوم رمضان إلخ عدم اشتراط نية الفرضية في المعادة ، إلا أن يجاب بأن المنفي في المعادة نية الفرض الحقيقي فلا ينافي أنه يعتبر فيها نية الفرض الصوري للمحاكاة المذكورة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وكماله في رمضان أن ينوي صوم غد إلخ ) فالتعيين هنا غير المراد بالتعيين فيما مر أي هو ثم كرمضان كما مر ( قوله : ولفظ غد قد اشتهر في كلامهم إلخ ) لا موقع له هنا لأن الكمال في كمال التعيين لا في التعيين الذي لا بد منه [ ص: 161 ] وهو صوم غد من رمضان . والحاصل أن الأصحاب لما صوروا التعيين الواجب بما ذكر تعقبه الشيخان بما ذكر ( قوله : واحتيج لذكره مع هذه السنة ) صواب العبارة : واحتيج لذكر السنة معه ( قوله : لأن لفظ الأداء يطلق ويراد به الفعل ) يقال عليه وحينئذ فما الداعي إليه مع ذكر هذه السنة ( قوله : يغني عن ذكر السنة ) الأصوب عن ذكر هذه السنة ( قوله إنما ذكروها آخرا لتعود إلى المؤدى به ) كذا في النسخ وصوابه المؤدى عنه كما هي عبارة الإمداد التي أخذها الشارح بالحرف ( قوله : قياسا على ما مر عن القفال ) في القياس وقفة تعلم من مراجعة كلام القفال




                                                                                                                            الخدمات العلمية