الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) عطية مريض ( في مرض موته المخوف كالبرسام ) بكسر الموحدة . وهو بخار يرتقي إلى الرأس يؤثر في الدماغ فيختل به العقل . وقال عياض : هو ورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان ويهذي ( وذات الجنب ) قرح بباطن الجنب ( والرعاف الدائم ) لأنه يصفي الدم فتذهب القوة ( والقيام المتدارك ) أي : الإسهال الذي لا يستمسك ولو كان ساعة لأن من لحقه ذلك أسرع في هلاكه ، وكذا إسهال معه دم ، لأنه يضعف القوة ( والفالج ) داء معروف ( في ابتدائه . والسل ) بكسر السين داء معروف ( في انتهائه . وما قال عدلان ) لا واحد ولو عدم غيره ( من أهل الطب إنه مخوف ) كوجع الرئة والقولنج ، وهو مع الحمى أشد خوفا . وكذا الطاعون وهيجان الصفراء والبلغم ( كوصية ) تنفذ في الثلث فما دونه لأجنبي . وتقف على الإجازة فيما زاد عليه . ولوارث بشيء ( ولو ) كانت عطيته ( عتقا ) لبعض وكذا عفوه عن جناية توجب المال ( أو محاباة ) كبيع وإجارة ، وهي أن يسامح أحد المتعاوضين الآخر في عقد المعاوضة ببعض ما يقابل العوض كأن يبيع ما يساوي عشرة بثمانية أو يشتري ما يساوي ثمانية بعشرة ( لا ) إن كان الصادر من المريض ( كتابة ) لرقيقه أو بعضه بمحاباة ( أو ) كان ( وصية بها ) أي : كتابته ( بمحاباة ) فالمحاباة فيهما من رأس المال . هذا مقتضى ما صححه في الإنصاف وقطع به في التنقيح وعارضه المصنف في شرحه بأن كلام المجد في شرحه والفروع لا يقتضي ذلك . وإنما يقتضي أن الكتابة نفسها في مرض الموت المخوف هل هي كالوصية فتعتبر من الثلث ، لأنه تعليق للعتق على الأداء . فكانت من الثلث كتعليقه على غيره ، أو من رأس المال ، [ ص: 443 ] لأنها معاوضة كالبيع ؟ ثم ذكر كلام المحرر والفروع وهو صريح فيما قاله . وقال : ولم أعلم أيضا ما يقتضيه كلام الحارثي . قلت : هو أيضا صريح فيما ذكره ككلام المحرر والفروع . وهو واضح ( وإطلاقها ) أي : إذا أوصى أن يكاتب عبده فلانا وأطلق فإنه يكاتب ( بقيمته ) جمعا بين حق الورثة وحقه .

                                                                          ( و ) الأمراض ( الممتدة كالسل ) لا في حال انتهائه ( والجذام والفالج في دوامه إن صار صاحبها صاحب فراش فمخوفة . وإلا فلا ) لأن صاحب الفراش يخشى تلفه . أشبه صاحب المرض المخوف للموت ( وكمريض مرض الموت المخوف من بين الصفين وقت حرب ) أي اختلاط الطائفتين للقتال ( وكل من الطائفتين مكافئ ) للأخرى ( أو ) كان المعطي ( من ) الطائفة ( المقهورة ) لأن توقع التلف إذن كتوقع المريض أو أكثر وسواء تبين دين الطائفتين أو لا ( ومن باللجة ) بضم اللام أي : لجة البحر ( عند الهيجان ) أي : ثوران البحر بريح عاصف لما تقدم ( أو وقع الطاعون ببلده ) لخوفه ( أو قدم لقتل ) قصاصا أو غيره لظهور التلف وقربه ( أو حبس له ) أي : القتل ( وأسير عند من عادته القتل ) لخوفه على نفسه ( وجريح ) جرحا ( موحيا مع ثبات عقله ) لأن عمر لما جرح سقاه الطبيب لبنا فخرج من جرحه فقال له الطبيب ( اعهد إلى الناس . فعهد إليهم ووصى ) وعلي بعد ضرب ابن ملجم له أوصى وأمر ونهى . فإن لم يثبت عقله فلا حكم لعطيته بل ولا لكلامه ( وحامل عند مخاض ) أي : طلق نصا ( مع ألم حتى تنجو ) من نفاسها . لأنها قبل ضرب المخاض لا تخاف الموت . فأشبهت صاحب المرض الممتد قبل أن يصير صاحب فراش . فإن خرج الولد والمشيمة وحصل هناك ورم أو ضربان شديد ، أو رأت دما كثيرا فحكمها حكم ما قبل ذلك لأنها لم تنج بعد . والسقط كالولد التام . وإن وضعت مضغة فعطاياها كعطايا الصحيح ( وكميت من ذبح أو أبينت حشوته ) أي : أمعاؤه . فلا يعتد بكلامه لا خرقها وقطعها فقط أو خروجها بلا إبانة . وذكر الموفق في فتاويه : إن خرجت حشوته ولم تبن ثم مات ولده ورثه . وإن أبينت فالظاهر يرثه . لأن الموت زهوق النفس وخروج الروح ولم يوجد . ولأن الطفل يرث ويورث بمجرد استهلاله . وإن كان لا يدل على حياة أثبت من حياة هذا قال في الفروع : وظاهره أن من ذبح ليس كميت مع بقاء روحه

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية