الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 140 ] باب بيع الحاكم للرهن في الاستحقاق

                                                                                                                                            قال الشافعي رحمه الله : " وإذا بيع الرهن فثمنه من الراهن حتى يقبضه المرتهن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا بيع الرهن فثمنه من الراهن حتى بعد حلول الحق فثمنه في حكم الرهن مضمون على الراهن دون المرتهن فإن تلف الثمن في يد العدل قبل قبض المرتهن كان تالفا من مال الراهن دون المرتهن ولا ضمان على العدل ما لم يتعد أو يفرط .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كان الراهن هو الذي تولى بيع الرهن فثمنه من ضمان الراهن دون المرتهن ، وإن كان قد باعه العدل ، أو الحاكم فثمنه من ضمان المرتهن دون الراهن بناء على أصله في أن الرهن مضمون على مرتهنه واستدلالا بأن الرهن مبيع في حق المرتهن ، كما أن العبد الجاني مبيع في حق المجني عليه ثم ثبت أن ثمن العبد الجاني إذا بيع من ضمان المجني عليه دون سيده لأنه مبيع في حقه وجب أن يكون ثمن الرهن إذا بيع من ضمان المرتهن مبيع في حقه ، ودليلنا بناء ذلك على أصلنا في أن الرهن غير مضمون على مرتهنه ، ثم من الدليل أن يد العدل كيد الراهن لأن جواز بيعه وتصرفه موقوف على إذن الراهن ، ثم ثبت أن الراهن إذا باع الرهن كان ثمنه من ضمان الراهن دون المرتهن لبقاء الرهن على ملكه فوجب إذا باعه العدل أن يكون ثمنه من ضمان الراهن دون المرتهن لبقاء الرهن على ملكه .

                                                                                                                                            وتحريره أنه مبيع في الرهن أن يكون ثمنه من ضمان الراهن أصله : إذا باعه الراهن ، ولأنه ثمن مبيع فوجب أن يكون من ضمان المالك كالوكيل .

                                                                                                                                            وأما ثمن العبد الجاني فهو من ضمان السيد دون المجني عليه ، ألا ترى أن الرجوع بالدرك يجب على السيد دون المجني عليه ، وإنما بطل حق المجني عليه بتلف الثمن وإن كان من ضمان غيره كما بطل حقه بتلف العبد الجاني وإن كان على ملك غيره والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية