الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن اجتمع جنب وميت ومن عليها غسل حيض ، فبذل ما يكفي أحدهم لأولادهم به . فهو للميت ) هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الكافي ، والإفادات والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم . ونصره المجد في شرحه ، وابن عبيدان ، ومجمع البحرين ، وغيرهم . قال في تجريد العناية : هذا الأظهر ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، والهادي ، والرعايتين ، والحاويين ، والنظم ، والفائق ، وابن رزين في شرحه ، والخلاصة ، وغيرهم . ( وعنه أنه للحي ) يعني هو أولى به من . الميت واختارها أبو بكر الخلال ، وأبو بكر عبد العزيز . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب والمستوعب ، والمغني ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، وابن تميم ، ومجمع البحرين ، وابن عبيدان وغيرهم . [ ص: 306 ] قوله ( وأيهما يقدم ؟ فيه وجهان ) يعني على رواية : أن الحي أولى . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، والحاوي الكبير ، ومجمع البحرين ، وابن عبيدان . أحدهما : الحائض أولى ، وهو الصحيح ، قال المجد في شرحه : والصحيح تقديم الحائض بكل حال ، وجزم به في الكافي ، وقدمه في الفروع ، والمحرر ، والنظم ، والفائق ، وابن رزين في شرحه . والثاني : الجنب مطلقا أولى ، قدمه في الخلاصة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وقيل : الرجل الجنب خاصة أولى من المرأة الجنب والحائض . وأطلقهن ابن تميم . وقيل : يقسم بينهما . وقيل : يقرع ، وجزم به في المذهب .

فوائد :

إحداهما : من عليه نجاسة : أحق من الميت ، والحائض ، والجنب على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في المحرر ، والمغني ، والشرح ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع وغيره . وقيل : الميت أولى أيضا اختاره المجد وحفيده . قال في مجمع البحرين : هذا أظهر ، وجزم به في المنور ، والمنتخب . وأطلقهما ابن تميم ، والتلخيص . قال في الرعاية الكبرى : ونجس البدن غير قبل ودبر وقيل : وغير ثوب سترة أولى منهم ، ومن الميت إذن ، وإلا فالميت أولى . وقيل : الميت أولى منه مطلقا . ومن غيره . الثانية : قال في الفروع : يقدم جنب على محدث . وقيل : المحدث إلا أن يكفي من تطهر به منهما ، وإن كفاه فقط قدم . وقيل : الجنب . وقال ابن تميم : فإن اجتمع محدث وجنب ، ووجد ماء يكفي أحدهما : ويفضل منه ما لا يكفي الآخر ، فالجنب أولى في وجه ، وقدمه [ ص: 307 ] ابن عبيدان . وفي آخر المحدث أولى ، قدمه في المذهب . وفي ثالث : هما سواء يقرع بينهما ، أو يعطيه الباذل لمن شاء منهما . وأطلقهن في المغني ، والشرح ، والقواعد الفقهية ، وإن كان يكفي الجنب ، ويفضل عن المحدث : فالجنب أولى ، وإن كان يكفي المحدث وحده : فهو أولى . وقال في الرعاية : ومن كفاه وحده ممن يقدم ، ومن المحدث حدثا أصغر : فهو أولى ، وإن لم يكن أحدهم فالجنب ونحوه أولى من المحدث . وقيل : عكسه . وقيل : هما سواء ، فبالقرعة . وقيل : أو بالتخيير من باذله ، وإن كفى الجنب أو نحوه ، وفضل من المحدث شيء . فوجهان ، وإن كان يفضل من واحد ما لا يكفي الآخر : يقدم المحدث . وقيل : الجنب ونحوه . وقيل : بل من قرع . وقيل : بل بالتخيير من باذله . الثالثة : لو بادر عن غيره أولى منه ، فتطهر به : أساء ، وصحت صلاته ، جزم به في المغني ، والشرح ، والرعاية ، والفروع ، وغيرهم . وقال ابن تميم : قاله بعض أصحابنا ، واقتصر عليه . الرابعة : قال في التلخيص : واعلم أن هذه المسألة لا تتصور إذا كان الماء لبعضهم ; لأنه أحق به . وصورها جماعة من أصحابنا في ماء مباح أو مملوك ، أراد مالكه بذله لأحدهم . وفيه نظر . فإن المباح قبل وضع الأيدي عليه لا ملك فيه . وبعد وضع الأيدي : للجميع . والمالك له ولاية صرفه إلى من شاء ، إلا أن يريدوا به الفضيلة . ولفظ " الأحقية " و " الأولوية " لا يشعر بذلك . وعندي لذلك صورة معصومة من ذلك ، وهي أن يوصي بمائه لأولاهم به . انتهى .

قال في القاعدة الأخيرة بعد حكاية كلامه في التلخيص ويتصور أيضا في النذر لأولاهم به ، والوقف عليه ، وفيما إذا طلب المالك معرفة أولاهم به ليؤثر به . وفيما إذا ما وردوا على مباح وازدحموا وتشاحوا في التناول أولا . الخامسة : قال الشيخ تقي الدين : وتأتي هذه المسألة أيضا في الماء المشترك . وقال : هو ظاهر ما نقل عن أحمد ، وهو أولى من التشقيص .

التالي السابق


الخدمات العلمية