الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويجوز ) ( نسخ بلا بدل ) عن المنسوخ عند أكثر العلماء ومنعه جمع ونقل عن المعتزلة ومنعه بعض العلماء في العبادة ، بناء على أن النسخ يجمع معنى الرفع والنقل واستدل للأول - الذي هو الصحيح - بأنه نسخ تقديم الصدقة أمام المناجاة ، وتحريم ادخار لحوم الأضاحي وفي البخاري أنه { كان إذا دخل وقت الفطر ، فنام قبل أن يفطر يحرم الطعام والشراب ، وإتيان النساء إلى الليلة الآتية } ثم نسخ واحتج الآمدي أنه لو فرض وقوعه لم يلزم منه محال . ورده بعض أصحابنا وغيرهم بأنه مجرد دعوى قالوا : قال تعالى { نأت بخير منها أو مثلها } رد الخلاف في الحكم لا في اللفظ ثم ليس بعام في كل حكم . ثم مخصص بما سبق ثم يكون نسخه بغير بدل خيرا ، لمصلحة علمها ثم إنما تدل الآية أنه لم يقع ، لا أنه لا يجوز .

وأيضا المصلحة قد تكون فيما نسخ ، ثم تصير المصلحة في عدمه . هذا عند من يعتبر المصالح . وأما عند من لا يعتبرها فلا إشكال فيه وبالجملة : قال الله تعالى { يفعل ما يشاء } قال الباقلاني : كما يجوز أن الله سبحانه وتعالى يرفع التكاليف كلها . فرفع بعضها بلا بدل من باب أولى ( ووقع ) في قول الأكثر وخالف الشافعي رحمه الله وأول والدليل على الوقوع ما تقدم من الآيات وعبارة الشافعي في الرسالة في ابتداء الناسخ والمنسوخ : وليس ينسخ فرض أبدا ، إلا أثبت مكانه فرض ، كما نسخت قبلة بيت المقدس . فأثبت مكانها الكعبة .

قال الصيرفي في شرحه : مراده أن ينقل من حظر إلى إباحة ، أو من إباحة إلى حظر أو تخيير على حسب أحوال المفروض . قال : كنسخ المناجاة ، فإنه تعالى لما فرض تقديم الصدقة ، أزال ذلك بردهم إلى ما كانوا عليه ، فإن شاءوا تقربوا إلى الله تعالى بالصدقة ، وإن شاءوا ناجوه من غير صدقة قال : فهذا معنى قول الشافعي : فرض مكان فرض فتفهمه . انتهى . فظهر أن مراد الشافعي بالبدل أعم من حكم آخر [ ص: 469 ] ضد المنسوخ كالقبلة أو الرد لما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ كالمناجاة ، فالمدار على ثبوت حكم شرعي في المنسوخ في الجملة ، حتى لا يتركوا هملا بلا حكم في ذلك المنسوخ بالكلية ، إذ ما في الشريعة منسوخ إلا وقد انتقل عنه إلى أمر آخر ، ولو أنه إلى ما كان عليه قبل ذلك ، فلم يترك الرب عباده هملا .

التالي السابق


الخدمات العلمية