فصل
[
nindex.php?page=treesubj&link=25578النهي عن قطع الأيدي في الغزو ]
المثال الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38019نهى أن تقطع الأيدي في الغزو } رواه
أبو داود ، فهذا حد من حدود الله تعالى ، وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو تأخيره من لحوق صاحبه بالمشركين حمية وغضبا كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة وغيرهم ، وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإسلام على أن الحدود لا تقام في أرض العدو ، وذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=14209أبو القاسم الخرقي في مختصره فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=25578لا يقام الحد على مسلم في أرض العدو ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=314أتى بشر بن أرطاة برجل من الغزاة قد سرق مجنه فقال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقطع الأيدي في الغزو لقطعت يدك } ، رواه
أبو داود ، وقال
أبو محمد المقدسي : وهو إجماع الصحابة ، روى
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور في سننه بإسناده عن
الأحوص بن حكيم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كتب إلى الناس أن لا يجلدن أمير جيش ولا سرية ولا رجل من المسلمين حدا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلا لئلا تلحقه حمية الشيطان فيلحق بالكفار . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء مثل ذلك .
وقال
علقمة : كنا في جيش في أرض
الروم ، ومعنا
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان ، وعلينا
nindex.php?page=showalam&ids=292الوليد بن عقبة ، فشرب الخمر ، فأردنا أن نحده ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم ؟ .
وأتى
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص بأبي محجن يوم
القادسية وقد شرب الخمر ، فأمر به إلى القيد ، فلما التقى الناس قال
أبو محجن :
[ ص: 14 ] كفى حزنا أن تطرد الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا
فقال
لابنة حفصة امرأة سعد : أطلقيني ولك والله علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد ، فإن قتلت استرحتم مني ، قال : فحلته حتى التقى الناس وكانت
nindex.php?page=showalam&ids=37بسعد جراحة فلم يخرج يومئذ إلى الناس ، قال : وصعدوا به فوق العذيب ينظر إلى الناس ، واستعمل على الخيل
خالد بن عرفطة ، فوثب
أبو محجن على فرس
nindex.php?page=showalam&ids=37لسعد يقال لها البلقاء ، ثم أخذ رمحا ثم خرج فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم ، وجعل الناس يقولون : هذا ملك ، لما يرونه يصنع ، وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد يقول : الصبر صبر البلقاء ، والظفر ظفر
أبي محجن ،
وأبو محجن في القيد ، فلما هزم العدو رجع
أبو محجن حتى وضع رجليه في القيد ، فأخبرت
ابنة حفصة nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا بما كان من أمره ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : لا والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى للمسلمين ما أبلاهم ، فخلى سبيله ، فقال
أبو محجن : قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها ، فأما إذ بهرجتني فوالله لا أشربها أبدا ; وقوله : " إذ بهرجتني " أي أهدرتني بإسقاط الحد عني ، ومنه " بهرج دم
nindex.php?page=showalam&ids=12672ابن الحارث " أي أبطله ، وليس في هذا ما يخالف نصا ولا قياسا ولا قاعدة من قواعد الشرع ولا إجماعا ، بل لو ادعى أنه إجماع الصحابة كان أصوب .
قال
الشيخ في المغني : وهذا اتفاق لم يظهر خلافه . قلت : وأكثر ما فيه تأخير الحد لمصلحة راجحة إما من حاجة المسلمين إليه أو من خوف ارتداده ولحوقه بالكفار ، وتأخير الحد لعارض أمر وردت به الشريعة ، كما يؤخر عن الحامل والمرضع وعن وقت الحر والبرد والمرض ; فهذا تأخير لمصلحة المحدود ; فتأخيره لمصلحة الإسلام أولى . فإن قيل : فما تصنعون بقول
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : " والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى للمسلمين ما أبلاهم " فأسقط عنه الحد ؟ قيل : قد يتمسك بهذا من يقول : لا حد على مسلم في دار الحرب " كما يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، ولا حجة فيه ، والظاهر أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا رضي الله عنه اتبع في ذلك سنة الله تعالى ; فإنه لما رأى تأثير
أبي محجن في الدين وجهاده وبذله نفسه لله ما رأى درأ عنه الحد ; لأن ما أتى به من الحسنات غمرت هذه السيئة الواحدة وجعلتها كقطرة بحاسة وقعت في بحر ، ولا سيما وقد شام منه مخايل التوبة النصوح وقت القتال ; إذ لا يظن مسلم إصراره في ذلك الوقت
[ ص: 15 ] الذي هو مظنة القدوم على الله وهو يرى الموت ، وأيضا فإنه بتسليم نفسه ووضع رجله في القيد اختيارا قد استحق أن يوهب له حده كما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25504قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له : يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي ، فقال : هل صليت معنا هذه الصلاة ؟ قال : نعم ، قال : اذهب فإن الله قد غفر لك حدك } وظهرت بركة هذا العفو والإسقاط في صدق توبته ، فقال : والله لا أشربها أبدا ، وفي رواية {
أبد الأبد } وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26468قد كنت آنف أن أتركها من أجل جلداتكم ، فأما إذ تركتموني فوالله لا أشربها أبدا } وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم مما صنع
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد ببني جذيمة ، وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14859اللهم إني أبرأ إليك مما صنع nindex.php?page=showalam&ids=22خالد } ولم يؤاخذه به لحسن بلائه ونصره للإسلام .
[
سقوط الحد عن التائب ]
ومن تأمل المطابقة بين الأمر والنهي والعقاب وارتباط أحدهما بالآخر علم فقه هذا الباب ، وإذا كان الله لا يعذب تائبا فهكذا الحدود لا تقام على تائب ، وقد نص الله على
nindex.php?page=treesubj&link=9874سقوط الحد عن المحاربين بالتوبة التي وقعت قبل القدرة عليهم مع عظيم جرمهم ، وذلك تنبيه على سقوط ما دون الحراب بالتوبة الصحيحة بطريق الأولى ، وقد روينا في سنن
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
علقمة بن وائل عن أبيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4758أن امرأة وقع عليها في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد بمكروه على نفسها ، فاستغاثت برجل مر عليها ، وفر صاحبها ، ثم مر عليها ذوو عدد ، فاستغاثت بهم ، فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه ، وسبقهم الآخر ، فجاءوا يقودونه إليها ، فقال : أنا الذي أغثتك ، وقد ذهب الآخر قال : فأتوا به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته أنه الذي وقع عليها ، وأخبر القوم أنهم أدركوه يشتد ، فقال : إنما كنت أغثتها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني ، فقالت : كذب ، هو الذي وقع علي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : انطلقوا به فارجموه فقام رجل من الناس فقال : لا ترجموه وارجموني ، فأنا الذي فعلت بها الفعل ، فاعترف ، فاجتمع ثلاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذي وقع عليها ، والذي أغاثها ، والمرأة ، فقال : أما أنت فقد غفر لك وقال للذي أغاثها قولا حسنا ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ارجم الذي اعترف بالزنى ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ; فقال : لأنه قد تاب إلى الله } رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17040محمد بن يحيى بن كثير الحراني : ثنا
عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا
أسباط بن نصر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك ، وليس فيه بحمد الله إشكال .
فإن قيل : فكيف أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجم المغيث من غير بينة ولا إقرار ؟
[ ص: 16 ] nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340اعتبار القرائن وشواهد الأحوال ] قيل : هذا من أدل الدلائل على اعتبار القرائن والأخذ بشواهد الأحوال في التهم ، وهذا يشبه إقامة الحدود بالرائحة والقيء كما اتفق عليه الصحابة ، وإقامة حد الزنا بالحبل كما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وذهب إليه فقهاء أهل
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في ظاهر مذهبه ، وكذلك الصحيح أنه يقام الحد على المتهم بالسرقة إذا وجد المسروق عنده ، فهذا الرجل لما أدرك وهو يشتد هربا وقالت المرأة : هذا هو الذي فعل بي ، وقد تعترف بأنه دنا منها وأتى إليها وادعى أنه كان مغيثا لا مريبا ، ولم ير أولئك الجماعة غيره ، كان في هذا أظهر الأدلة على أنه صاحبها ، وكان الظن المستفاد من ذلك لا يقصر عن الظن المستفاد من شهادة البينة ، واحتمال الغلط وعداوة الشهود كاحتمال الغلط أو عداوة المرأة ههنا ، بل ظن عداوة المرأة في هذا الموضع في غاية الاستبعاد ; فنهاية الأمر أن هذا ظاهر لا يستبعد ثبوت الحد بمثله شرعا كما يقتل في القسامة باللوث الذي لعله دون هذا في كثير من المواضع ; فهذا الحكم من أحسن الأحكام وأجراها على قواعد الشرع ،
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340والأحكام الظاهرة تابعة للأدلة الظاهرة من البينات والأقارير وشواهد الأحوال ، وكونها في نفس الأمر قد تقع غير مطابقة ولا تنضبط أمر لا يقدح في كونها طرقا وأسبابا للأحكام ، والبينة لم تكن موجبة بذاتها للحد ، وإنما ارتباط الحد بها ارتباط المدلول بدليله ، فإن كان هناك دليل يقاومها أو أقوى منها لم يلغه الشارع ، وظهور الأمر بخلافه لا يقدح في كونه دليلا كالبينة والإقرار .
وأما سقوط الحد عن المعترف فإذا لم يتسع له نطاق أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأحرى أن لا يتسع له نطاق كثير من الفقهاء ، ولكن اتسع له نطاق الرءوف الرحيم ، فقال : إنه قد تاب إلى الله ، وأبى أن يحده ، ولا ريب أن الحسنة التي جاء بها من اعترافه طوعا واختيارا خشية من الله وحده ، وإنقاذا لرجل مسلم من الهلاك ، وتقديم حياة أخيه على حياته واستسلامه للقتل أكبر من السيئة التي فعلها ، فقاوم هذا الدواء لذلك الداء ، وكانت القوة صالحة ، فزال المرض ، وعاد القلب إلى حال الصحة ، فقيل : لا حاجة لنا بحدك ، وإنما جعلناه طهرة ودواء ; فإذا تطهرت بغيره فعفونا يسعك ، فأي حكم أحسن من هذا الحكم وأشد مطابقة للرحمة والحكمة والمصلحة ؟ وبالله التوفيق .
وقد روينا في سنن
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي من حديث
الأوزاعي : ثنا
أبو عمار شداد قال : حدثني
أبو أمامة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4966أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي ، فأعرض عنه ، ثم قال : إني أصبت حدا فأقمه علي ، فأعرض عنه ، ثم قال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ، فأعرض عنه ، فأقيمت الصلاة ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله إني [ ص: 17 ] أصبت حدا فأقمه علي ، قال : هل توضأت حين أقبلت ؟ قال : نعم ، قال : هل صليت معنا حين صلينا ؟ قال نعم ، قال : اذهب فإن الله قد عفا عنك } ، وفي لفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11369إن الله قد غفر لك ذنبك ، أو حدك } ، ومن تراجم
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي على هذا الحديث " من
اعترف بحد ولم يسمه " وللناس فيه ثلاث مسالك ، هذا أحدها ، والثاني أنه خاص بذلك الرجل ، والثالث سقوط الحد بالتوبة قبل القدرة عليه ، وهذا أصح المسالك .
فَصْلٌ
[
nindex.php?page=treesubj&link=25578النَّهْيُ عَنْ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ ]
الْمِثَالُ الثَّانِي : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38019نَهَى أَنْ تُقْطَعَ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ، فَهَذَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ نَهَى عَنْ إقَامَتِهِ فِي الْغَزْوِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ مِنْ تَعْطِيلِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ مِنْ لُحُوقِ صَاحِبِهِ بِالْمُشْرِكِينَ حَمِيَّةً وَغَضَبًا كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=4وَأَبُو الدَّرْدَاءِ nindex.php?page=showalam&ids=21وَحُذَيْفَةُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12418وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ ، وَذَكَرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14209أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=25578لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=314أَتَى بِشْرُ بْنُ أَرْطَاةَ بِرَجُلٍ مِنْ الْغُزَاةِ قَدْ سَرَقَ مِجَنَّهُ فَقَالَ : لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ لَقَطَعْت يَدَك } ، رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ، وَقَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ : وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كَتَبَ إلَى النَّاسِ أَنْ لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ وَلَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا لِئَلَّا تَلْحَقَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ .
وَقَالَ
عَلْقَمَةُ : كُنَّا فِي جَيْشٍ فِي أَرْضِ
الرُّومِ ، وَمَعَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، وَعَلَيْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=292الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحِدَّهُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ : أَتَحُدُّونَ أَمِيرَكُمْ وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَيَطْمَعُوا فِيكُمْ ؟ .
وَأَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِأَبِي مِحْجَنٍ يَوْمَ
الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَمَرَ بِهِ إلَى الْقَيْدِ ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ قَالَ
أَبُو مِحْجَنٍ :
[ ص: 14 ] كَفَى حُزْنًا أَنْ تُطْرَدَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
فَقَالَ
لِابْنَةِ حَفْصَةَ امْرَأَةِ سَعْدٍ : أَطْلِقِينِي وَلَكِ وَاَللَّهِ عَلَيَّ إنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ أَنْ أَرْجِعَ حَتَّى أَضَعَ رِجْلِي فِي الْقَيْدِ ، فَإِنْ قُتِلْتُ اسْتَرَحْتُمْ مِنِّي ، قَالَ : فَحَلَّتْهُ حَتَّى الْتَقَى النَّاسُ وَكَانَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=37بِسَعْدٍ جِرَاحَةٌ فَلَمْ يَخْرُجْ يَوْمَئِذٍ إلَى النَّاسِ ، قَالَ : وَصَعِدُوا بِهِ فَوْقَ الْعُذَيْبِ يَنْظُرُ إلَى النَّاسِ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْخَيْلِ
خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ ، فَوَثَبَ
أَبُو مِحْجَنٍ عَلَى فَرَسٍ
nindex.php?page=showalam&ids=37لِسَعْدٍ يُقَالُ لَهَا الْبَلْقَاءُ ، ثُمَّ أَخَذَ رُمْحًا ثُمَّ خَرَجَ فَجَعَلَ لَا يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْعَدُوِّ إلَّا هَزَمَهُمْ ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا مَلَكٌ ، لِمَا يَرَوْنَهُ يَصْنَعُ ، وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدٌ يَقُولُ : الصَّبْرُ صَبْرُ الْبَلْقَاءِ ، وَالظَّفَرُ ظَفَرُ
أَبِي مِحْجَنٍ ،
وَأَبُو مِحْجَنٍ فِي الْقَيْدِ ، فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ رَجَعَ
أَبُو مِحْجَنٍ حَتَّى وَضَعَ رِجْلَيْهِ فِي الْقَيْدِ ، فَأَخْبَرَتْ
ابْنَةُ حَفْصَةَ nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدًا بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدٌ : لَا وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ الْيَوْمَ رَجُلًا أَبْلَى لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَبْلَاهُمْ ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ ، فَقَالَ
أَبُو مِحْجَنٍ : قَدْ كُنْت أَشْرَبُهَا إذْ يُقَامُ عَلَيَّ الْحَدُّ وَأَطْهُرُ مِنْهَا ، فَأَمَّا إذْ بَهْرَجَتْنِي فَوَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا ; وَقَوْلُهُ : " إذْ بَهْرَجْتَنِي " أَيْ أَهْدَرْتَنِي بِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنِّي ، وَمِنْهُ " بَهْرَجَ دَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12672ابْنِ الْحَارِثِ " أَيْ أَبْطَلَهُ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُخَالِفُ نَصًّا وَلَا قِيَاسًا وَلَا قَاعِدَةً مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَلَا إجْمَاعًا ، بَلْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ كَانَ أَصْوَبَ .
قَالَ
الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : وَهَذَا اتِّفَاقٌ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ . قُلْت : وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ تَأْخِيرُ الْحَدِّ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ إمَّا مِنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ أَوْ مِنْ خَوْفِ ارْتِدَادِهِ وَلُحُوقِهِ بِالْكُفَّارِ ، وَتَأْخِيرُ الْحَدِّ لِعَارِضٍ أَمْرٌ وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ ، كَمَا يُؤَخَّرُ عَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَعَنْ وَقْتِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ ; فَهَذَا تَأْخِيرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْدُودِ ; فَتَأْخِيرُهُ لِمَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا تَصْنَعُونَ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدٍ : " وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ الْيَوْمَ رَجُلًا أَبْلَى لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَبْلَاهُمْ " فَأَسْقَطَ عَنْهُ الْحَدَّ ؟ قِيلَ : قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ : لَا حَدَّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ " كَمَا يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى ; فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى تَأْثِيرَ
أَبِي مِحْجَنٍ فِي الدِّينِ وَجِهَادِهِ وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ لِلَّهِ مَا رَأَى دَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ ; لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْحَسَنَاتِ غَمَرَتْ هَذِهِ السَّيِّئَةَ الْوَاحِدَةَ وَجَعَلَتْهَا كَقَطْرَةٍ بِحَاسَّةٍ وَقَعَتْ فِي بَحْرٍ ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ شَامَ مِنْهُ مَخَايِلَ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَقْتَ الْقِتَالِ ; إذْ لَا يَظُنُّ مُسْلِمٌ إصْرَارَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
[ ص: 15 ] الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ يَرَى الْمَوْتَ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَوَضْعِ رِجْلِهِ فِي الْقَيْدِ اخْتِيَارًا قَدْ اسْتَحَقَّ أَنْ يُوهَبَ لَهُ حَدُّهُ كَمَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25504قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَقَالَ : هَلْ صَلَّيْت مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك حَدَّك } وَظَهَرَتْ بَرَكَةُ هَذَا الْعَفْوِ وَالْإِسْقَاطِ فِي صِدْقِ تَوْبَتِهِ ، فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا ، وَفِي رِوَايَةٍ {
أَبَدَ الْأَبَدِ } وَفِي رِوَايَةٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26468قَدْ كُنْت آنَفُ أَنْ أَتْرُكَهَا مِنْ أَجْلِ جَلَدَاتِكُمْ ، فَأَمَّا إذْ تَرَكْتُمُونِي فَوَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا } وَقَدْ بَرِئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا صَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدٌ بِبَنِي جَذِيمَةَ ، وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14859اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا صَنَعَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدٌ } وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِهِ لِحُسْنِ بَلَائِهِ وَنَصْرِهِ لِلْإِسْلَامِ .
[
سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْ التَّائِبِ ]
وَمَنْ تَأَمَّلَ الْمُطَابَقَةَ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعِقَابِ وَارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ عَلِمَ فِقْهَ هَذَا الْبَابِ ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ لَا يُعَذِّبُ تَائِبًا فَهَكَذَا الْحُدُودُ لَا تُقَامُ عَلَى تَائِبٍ ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=9874سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ الْمُحَارِبِينَ بِالتَّوْبَةِ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ عَظِيمِ جُرْمِهِمْ ، وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى سُقُوطِ مَا دُونَ الْحِرَابِ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15395النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكٍ عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4758أَنَّ امْرَأَةً وَقَعَ عَلَيْهَا فِي سَوَادِ الصُّبْحِ وَهِيَ تَعْمَدُ إلَى الْمَسْجِدِ بِمَكْرُوهٍ عَلَى نَفْسِهَا ، فَاسْتَغَاثَتْ بِرَجُلٍ مَرَّ عَلَيْهَا ، وَفَرَّ صَاحِبُهَا ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهَا ذَوُو عَدَدٍ ، فَاسْتَغَاثَتْ بِهِمْ ، فَأَدْرَكُوا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَتْ اسْتَغَاثَتْ بِهِ فَأَخَذُوهُ ، وَسَبَقَهُمْ الْآخَرُ ، فَجَاءُوا يَقُودُونَهُ إلَيْهَا ، فَقَالَ : أَنَا الَّذِي أَغَثْتُك ، وَقَدْ ذَهَبَ الْآخَرُ قَالَ : فَأَتَوْا بِهِ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا ، وَأَخْبَرَ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوهُ يَشْتَدُّ ، فَقَالَ : إنَّمَا كُنْت أَغَثْتهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَأَدْرَكَنِي هَؤُلَاءِ فَأَخَذُونِي ، فَقَالَتْ : كَذَبَ ، هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : انْطَلَقُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ النَّاس فَقَالَ : لَا تَرْجُمُوهُ وَارْجُمُونِي ، فَأَنَا الَّذِي فَعَلْت بِهَا الْفِعْلَ ، فَاعْتَرَفَ ، فَاجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا ، وَاَلَّذِي أَغَاثَهَا ، وَالْمَرْأَةُ ، فَقَالَ : أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ غُفِرَ لَك وَقَالَ لِلَّذِي أَغَاثَهَا قَوْلًا حَسَنًا ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : اُرْجُمْ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَى ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ; فَقَالَ : لِأَنَّهُ قَدْ تَابَ إلَى اللَّهِ } رَوَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17040مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْحَرَّانِيِّ : ثنا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا
أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ إشْكَالٌ .
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِ الْمُغِيثِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا إقْرَارٍ ؟
[ ص: 16 ] nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340اعْتِبَارُ الْقَرَائِنِ وَشَوَاهِدُ الْأَحْوَالِ ] قِيلَ : هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَرَائِنِ وَالْأَخْذِ بِشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ فِي التُّهَمِ ، وَهَذَا يُشْبِهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ بِالرَّائِحَةِ وَالْقَيْءِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ، وَإِقَامَةَ حَدِّ الزِّنَا بِالْحَبَلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ وَذَهَبَ إلَيْهِ فُقَهَاءُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ ، وَكَذَلِكَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُتَّهَمِ بِالسَّرِقَةِ إذَا وُجِدَ الْمَسْرُوقُ عِنْدَهُ ، فَهَذَا الرَّجُلُ لَمَّا أُدْرِكَ وَهُوَ يَشْتَدُّ هَرَبًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ : هَذَا هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِي ، وَقَدْ تَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ دَنَا مِنْهَا وَأَتَى إلَيْهَا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُغِيثًا لَا مُرِيبًا ، وَلَمْ يَرَ أُولَئِكَ الْجَمَاعَةُ غَيْرَهُ ، كَانَ فِي هَذَا أَظْهَرُ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُهَا ، وَكَانَ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ لَا يُقْصَرُ عَنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ ، وَاحْتِمَالُ الْغَلَطِ وَعَدَاوَةِ الشُّهُودِ كَاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ عَدَاوَةِ الْمَرْأَةِ هَهُنَا ، بَلْ ظَنُّ عَدَاوَةِ الْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي غَايَةِ الِاسْتِبْعَادِ ; فَنِهَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا يَسْتَبْعِدُ ثُبُوتَ الْحَدِّ بِمِثْلِهِ شَرْعًا كَمَا يُقْتَلُ فِي الْقَسَامَةِ بِاللَّوْثِ الَّذِي لَعَلَّهُ دُونَ هَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ ; فَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ أَحْسَنِ الْأَحْكَامِ وَأَجْرَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20335_16340وَالْأَحْكَامُ الظَّاهِرَةُ تَابِعَةٌ لِلْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَقَارِيرِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ ، وَكَوْنُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَدْ تَقَعُ غَيْرَ مُطَابَقَةٍ وَلَا تَنْضَبِطُ أَمْرٌ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِهَا طُرُقًا وَأَسْبَابًا لِلْأَحْكَامِ ، وَالْبَيِّنَةُ لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً بِذَاتِهَا لِلْحَدِّ ، وَإِنَّمَا ارْتِبَاطُ الْحَدِّ بِهَا ارْتِبَاطُ الْمَدْلُولِ بِدَلِيلِهِ ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ يُقَاوِمُهَا أَوْ أَقْوَى مِنْهَا لَمْ يُلْغِهِ الشَّارِعُ ، وَظُهُورُ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِهِ دَلِيلًا كَالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ .
وَأَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْ الْمُعْتَرِفِ فَإِذَا لَمْ يَتَّسِعْ لَهُ نِطَاقُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَّسِعَ لَهُ نِطَاقُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ ، وَلَكِنْ اتَّسَعَ لَهُ نِطَاقُ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ : إنَّهُ قَدْ تَابَ إلَى اللَّهِ ، وَأَبَى أَنْ يَحُدَّهُ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَسَنَةَ الَّتِي جَاءَ بِهَا مِنْ اعْتِرَافِهِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا خَشْيَةً مِنْ اللَّهِ وَحْدَهُ ، وَإِنْقَاذًا لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مِنْ الْهَلَاكِ ، وَتَقْدِيمَ حَيَاةِ أَخِيهِ عَلَى حَيَاتِهِ وَاسْتِسْلَامِهِ لِلْقَتْلِ أَكْبَرُ مِنْ السَّيِّئَةِ الَّتِي فَعَلَهَا ، فَقَاوَمَ هَذَا الدَّوَاءَ لِذَلِكَ الدَّاءِ ، وَكَانَتْ الْقُوَّةُ صَالِحَةً ، فَزَالَ الْمَرَضُ ، وَعَادَ الْقَلْبُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ ، فَقِيلَ : لَا حَاجَةَ لَنَا بِحَدِّك ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ طُهْرَةً وَدَوَاءً ; فَإِذَا تَطَهَّرْت بِغَيْرِهِ فَعَفْوُنَا يَسَعُك ، فَأَيُّ حُكْمٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ وَأَشَدُّ مُطَابَقَةً لِلرَّحْمَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ ؟ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
وَقَدْ رَوَيْنَا فِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15395النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ
الْأَوْزَاعِيِّ : ثنا
أَبُو عَمَّارٍ شَدَّادٌ قَالَ : حَدَّثَنِي
أَبُو أُمَامَةَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4966أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : إنِّي أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي [ ص: 17 ] أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، قَالَ : هَلْ تَوَضَّأْت حِينَ أَقْبَلْت ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : هَلْ صَلَّيْت مَعَنَا حِينَ صَلَّيْنَا ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ : اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْك } ، وَفِي لَفْظٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11369إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك ذَنْبَك ، أَوْ حَدَّك } ، وَمِنْ تَرَاجِمِ
nindex.php?page=showalam&ids=15395النَّسَائِيّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ " مَنْ
اعْتَرَفَ بِحَدٍّ وَلَمْ يُسَمِّهِ " وَلِلنَّاسِ فِيهِ ثَلَاثُ مَسَالِكُ ، هَذَا أَحَدُهَا ، وَالثَّانِي أَنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الرَّجُلِ ، وَالثَّالِثُ سُقُوطُ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ، وَهَذَا أَصَحُّ الْمَسَالِكِ .