الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتجب على النائم ومن زال عقله بسكر ، أو إغماء ، أو شرب دواء ) أما النائم : فتجب الصلاة عليه إجماعا .

ويجب إعلامه إذا ضاق الوقت ، على الصحيح ، جزم به أبو الخطاب في التمهيد . وقيل : لا يجب إعلامه . وقيل : يجب ولو لم يضق الوقت ، بل بمجرد دخوله . وهذه احتمالات مطلقات في الرعاية والفروع . وأما من زال عقله بسكر : فالصحيح من المذهب : وجوب الصلاة مطلقا عليه . وعليه الأصحاب ، وقطع به أكثرهم . وكذا من زال عقله بمحرم واختار الشيخ تقي الدين : عدم الوجوب في ذلك كله . وقال في الفتاوى المصرية : تلزمه بلا نزاع [ ص: 390 ] وقيل : لا تجب إذا سكر مكرها . وذكره القاضي في الخلاف قياس المذهب . وتجب على من زال عقله بمرض بلا نزاع . فعلى المذهب : لو جن متصلا بكره ففي وجوبها عليه زمن جنونه احتمالان . وأطلقهما في الفروع . وهي لأبي المعالي في النهاية . قلت : الذي يظهر : الوجوب تغليظا عليه ، كالمرتد على ما يأتي قريبا . وقال ابن تميم : ويباح من السموم تداويا ما الغالب عنه السلامة في أصح الوجهين ، الثاني : لا يباح كما لو كان الغالب منه الهلاك ، وهو احتمال في المغني ، والذي قدمه وصححه فيه : ما صححه ابن تميم وغيره . وأما المغمى عليه : فالصحيح من المذهب : وجوبها عليه مطلقا ، نص عليه في رواية صالح ، وابن منصور ، وأبي طالب ، وبكر بن محمد . كالنائم . وعليه جماهير الأصحاب ، وهو من المفردات . وقيل : لا تجب عليه كالمجنون ، واختاره في الفائق وأما إذا زال عقله بشرب دواء ، يعني مباحا ، فالصحيح من المذهب : وجوب الصلاة عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وهي من المفردات . وقيل : لا تجب عليه . وذكر القاضي وجها : أن الإغماء بتناول المباح يسقط الوجوب ، والإغماء بالمرض لا يسقطه ; لأنه ربما امتنع من شرب الدواء خوفا من مشقة القضاء . فتفوت مصلحته . وقال المصنف في المغني ، ومن تبعه : من شرب دواء فزال عقله به . فإن كان زوالا لا يدوم كثيرا ، فهو كالإغماء ، وإن تطاول فهو كالمجنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية