الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الخمس كان يقسم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم فلله ولرسوله سهم ولذي القربى سهم وللمساكين سهم ولليتامى سهم ولابن السبيل سهم ثم قسم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم على ثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل ومراده بيان قول الله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : سهم الله وسهم الرسول صلى الله عليه وسلم واحد وذكر اسم الله تعالى للتبرك ومفتاح الكلام وكان أبو العالية يقول : الغنيمة على ستة أسهم : سهم لله تعالى ويصرف ذلك إلى عمارة الكعبة إن كانت الكعبة بالقرب منها وإلى عمارة الجامع في كل بلدة هي بالقرب من موضع القسمة لأن هذه البقاع مضافة إلى الله تعالى وهذا السهم لله تعالى فيصرف إلى عمارة [ ص: 9 ] البقاع المضافة إليه خالصا ولسنا نأخذ بهذا فذكر الله تعالى ليس للاستحقاق لأن الدنيا بما فيها لله تعالى ولكن للتبرك أو لتشريف هذا المال لأن إضافة شيء من الدنيا إلى الله تعالى على الخصوص لمعنى التشريف كالمساجد والناقة وهذا المعنى يتحقق في الغنيمة لأنها أصيبت بطريق فيه إعلاء كلمة الله تعالى وإعزاز دينه وأما سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ثابتا في حياته وسقط بموته عندنا وقال الشافعي رحمه الله : هو باق يصرف إلى كل خليفة بعده لأنه كان يأخذ ذلك السهم في حياته ليستعين به في جوائز الوفود والرسل كما قال صلى الله عليه وسلم { : والله ما يحل لي من غنائمكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم } والخليفة بعده محتاج إلى مثل ما كان هو محتاجا إليه فيصرف هذا السهم إليه ولكنا نقول : الخلفاء الراشدون بعده لم يرفعوا هذا السهم لأنفسهم فعرفنا أنه كان له بدرجة الرسالة لا بالقيام بأمور الناس وذلك غير موجود في الخلفاء بعده ولما اجتمع الصحابة رضي الله عنهم ليفرضوا لأبي بكر رضي الله عنه قدر كفايته لم يجعلوا ذلك من هذا السهم ولأنه كان له من الغنائم ثلاث حظوظ خمس الخمس والصفي والسهم ثم الخليفة لا يقام مقامه في استحقاق الصفي فكذلك في استحقاق خمس الخمس والصفي شيء نفيس كان يصطفيه لنفسه من سيف أو فرس أو جارية .

كما روي { أنه صلى الله عليه وسلم اصطفى ذا الفقار من غنائم بدر } وكان سيفا لمنبه بن الحجاج بخلاف ما يزعم الروافض أنه نزل من السماء لعلي رضي الله عنه واصطفى صفية من غنائم خيبر وهذا شيء كان لرأس الجيش في الجاهلية كما قال القائل

: لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطة والفصول

فأما سهم ذوي القربى فقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه إليهم في حياته وهم صلبية بني هاشم وبني المطلب } ولم يبق لهم ذلك بعده عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى هو مستحق لهم يجمعون من أقطار الأرض فيقسم بين ذكورهم وإناثهم بالسوية وكان الكرخي رحمه الله تعالى يقول : إنما سقط بموته هذا السهم في حق الأغنياء منهم دون الفقراء والطحاوي رحمه الله تعالى كان يقول سقط في حق الفقراء والأغنياء منهم جميعا وكان أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى يقول : لم يكن لهم هذا السهم مستحقا بالقرابة بل { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه إليهم مجازاة على النصرة التي كانت منهم } ولم يبق ذلك المعنى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعتماد على هذا والشافعي رحمه الله تعالى استدل [ ص: 10 ] بظاهر قوله تعالى { ولذي القربى } فقد أضاف إليهم سهما فاللام التمليك فدل أنه حق مستحق لهم وأن الأغنياء والفقراء فيه سواء لأنه ليس في اسم القرابة ما ينبئ عن الفقر والحاجة بخلاف سهم اليتامى ففي اسم ما ينبئ عن الحاجة حتى لو أوصى ليتامى بني فلان وهم لا يحصون فالوصية لفقرائهم بخلاف ما لو أوصى لأقرباء فلان وقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الأغنياء منهم فإنه أعطى العباس رضي الله عنه وقد كان له عشرون عبدا كل عبد يتجر في عشرين ألفا وأعطى الزبير بن العوام من غنائم خيبر خمسة أسهم سهما له وسهمين لفرسه وسهما لقرابته وسهما لأمه صفية وكانت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها } فإذا كان هذا الحكم ثابتا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي بعده لأنه لا نسخ بعد وفاته ومن قال من مشايخنا رحمهم الله أن الاستحقاق للفقراء منهم دون الأغنياء احتج بقوله تعالى { كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم } وبين مصارف الخمس ثم بين المعنى فيه وهو أن لا يكون شيء منه دولة بين الأغنياء تتداوله أيديهم واسم ذوي القربي عام يتناول الأغنياء والفقراء فيخصه ويحمله على الفقراء بهذا الدليل .

ومن قال : لا حق للفقراء والأغنياء منهم جميعا قال : المراد بالآية بيان جواز الصرف إليهم لا بيان وجوب الصرف إليهم وكان هذا مشكلا فإن الصدقة لا تحل لهم فكان يشكل أنه هل يجوز صرف شيء من الخمس إليهم ولم يزل هذا الإشكال ببيان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ما كان يصرف ما يأخذ إلى حاجة نفسه فأزال الله تعالى هذا الإشكال بقوله تعالى { ولذي القربى } وإنما حملناه على هذا لإجماع الخلفاء الراشدين على قسمة الخمس على ثلاثة أسهم ولا يظن بهم أنه خفي عليهم هذا النص ولا أنهم منعوا حق ذوي القربى فعرفنا بإجماعهم أنه لم يبق إلا الاستحقاق لأغنيائهم وفقرائهم والشافعي رحمه الله تعالى يقول : لا إجماع ويستدل بالحديث الذي ذكره عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما قال : كان رأي علي رضي الله عنه في الخمس رأي أهل بيته ولكنه كره أن يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال : والإجماع بدون أهل البيت لا ينعقد كيف وقد كان رأي علي رضي الله عنه معهم ولكنه يتحرز من أن ينسب إلى مخالفة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولكنا نقول ليس في هذا الحديث بيان من كان يرى ذلك من أهل البيت وقد كان فيهم من لا يكون قوله حجة .

وإنما كره علي رضي الله عنه هذه المخالفة لأنه رأى الحجة معهما فإنه خالفهما في كثير من [ ص: 11 ] المسائل حين ظهر الدليل عنده وهذا لأنه كان مجتهدا ولا يحل للمجتهد أن يدع رأي نفسه لرأي مجتهد آخر احتشاما له والدليل عليه حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله عن علي رضي الله عنه قال { : اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس : كبر سني ورق عظمي وركبتني المؤن فإن رأيت أن تأمر لي بكذا وسقا من طعام فافعل ففعل ذلك وقالت فاطمة رضي الله عنها : أنت تعلم مكاني منك فإن رأيت أن تأمر لي بمثل ما أمرت به لعمك فافعل ففعل ذلك وقال زيد بن حارثة : كنت أعطيتني أرضا فكنت أزرعها وأعيش بها ثم أخذتها مني فإن رأيت أن تردها علي فافعل ففعل ذلك فقلت أنا : إن رأيت أن توليني القسمة فيما هو حقنا كي لا ينازعني أحد بعدك فافعل ففعل ذلك وقال للعباس رضي الله تعالى عنه : هلا سألت كما سأل ابن أخيك فقال : إلى ذلك انتهت مسألتي . فكنت أقسم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما حتى أتاه مال عظيم فدعاني لآخذ ما كنت آخذه وأقسمه بين أهل البيت فقلت له إن بنا اليوم عنه غنى وبالمسلمين خلة فاصرفه إليهم ففعل ذلك وقال لي العباس : لقد حرمنا اليوم شيئا لا يعود إلينا أبدا وكان رجلا داهيا فكان كما قال } فبهذا تبين أن عليا رضي الله تعالى عنه علم أن الصرف إليهم للحاجة لا للاستحقاق حين رد بقوله إن بنا اليوم عنه غنى وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال عرض علينا عمر رضي الله عنه أن يزوج من الخمس أيمنا وأن يقضي به عن مغرمنا فأبينا إلا أن يسلمه إلينا فأبى ذلك علينا قال الشافعي رحمه الله تعالى وفي هذا دليل على أن ابن عباس رضي الله عنه كان يرى استحقاق ذلك السهم لهم وذلك ظاهر فيما ذكر بعد هذا من كتابه إلى نجدة وكتبت إلى أن تسألني عن سهم ذوي القربى وإنا لنزعم أنه لنا ويأبى علينا ذلك غيرنا ولكنا نقول بعد إجماع الخلفاء الراشدين لا يؤخذ بقول ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين في هذا كما لا يؤخذ به في العول وغيره مع أن معنى قوله فأبينا إلا أن يسلمه إلينا لنتولى صرفه إلى المحتاجين منا لا لنصرفه إلى أنفسنا وكل أحد يحب ذلك في أهل بيته .

ألا ترى أنه قال : فأبى ذلك علينا وعمر رضي الله عنه ما كان يعرف بمنع الحق من المستحق بل بإيصال الحق إلى المستحق على ما قال صلى الله عليه وسلم { أينما دار عمر فالحق معه } وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال { : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس يوم خيبر فقسم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب [ ص: 12 ] فكلم عثمان بن عفان وجبير بن مطعم رضي الله عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا نحن وبنو المطلب في النسب إليك سواء فأعطيتهم دوننا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لم نزل نحن وبنو المطلب في الجاهلية والإسلام معا } وفي بعض الروايات قالا : لا ينكر فضل بني هاشم لمكانك الذي وضعك الله تعالى فيهم ولكن نحن وإخواننا من بني المطلب إليك في النسب سواء فما بالك أعطيتهم وحرمتنا فقال { : إنهم لم يفارقوني في الجاهلية ولا في الإسلام } وفي رواية { فإنما بنو هاشم وبنو المطلب كشيء واحد } وفي رواية { لم نزل معهم هكذا وشبك بين أصابعه } واعتمادنا على هذا الحديث فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاستحقاق بالنصرة دون القرابة وأن المراد بالقربى قرب النصرة حين شبك بين أصابعه ومعنى الحديث أن أصل النسب وهو عبد مناف كان له أربعة بنين هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أولاد هاشم فإنه محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم فكانت بنو هاشم أولاد جده وجبير بن مطعم كان من بني نوفل وعثمان رضي الله عنه كان من بني عبد شمس وولد جد الإنسان أقرب إليه من ولد أخ جده فهذا معنى قولهما لا ننكر فضل بني هاشم فأما بنو نوفل وبنو عبد شمس كانوا مع بني المطلب في القرابة أسوة .

وقيل : بنو نوفل وبنو عبد شمس كانوا أقرب إليه من بني المطلب لأن نوفلا وعبد شمس كانا أخوي هاشم لأب وأم والمطلب كان أخا هاشم لأبيه لا لأمه والأخ لأب وأم أقرب إلى المرء من الأخ لأب ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المطلب ولم يعط بني نوفل وبني عبد شمس فأشكل ذلك عليهما فلذلك سألاه ثم أزال إشكالهما ببيان علة الاستحقاق أنه النصرة دون القرابة ولم يرد به نصرة القتال فقد كان ذلك موجودا من عثمان رضي الله عنه وجبير بن مطعم وإنما أراد نصرة الاجتماع إليه للمؤانسة في حال ما هجره الناس على ما روي أن الله تعالى لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم ورأت قريش آثار الخير فيهم حسدوهم وتعاقدوا فيما بينهم أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه وتعاقد بنو هاشم فيما بينهم على القيام بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بنو نوفل وبنو عبد شمس في عهد قريش ودخل بنو المطلب في عهد بني هاشم حتى دخلوا معهم الشعب فكانوا فيه ثلاث سنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 13 ] حتى أكلوا العلهز من جهد القصة .

وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنا لم نزل نحن وبنو المطلب في الجاهلية والإسلام معا } وإذا ثبت أن الاستحقاق بتلك النصرة ولا تبقى تلك النصرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يبقى الاستحقاق لا للانتساخ بعد موته بل لانعدام الحكم لعدم علته وهذا معنى ما قلنا : إن ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه إليهم مجازاة على تلك النصرة المخصوصة فقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكافئ كل من نصره يوما حتى قال يوما لما عرض عليه الأسارى : لو كان مطعم بن عدي حيا لوهبت هؤلاء السبي منه } مجازاة له على ما صنع وقد كان مات على شركه ولكنه قام بنصرته يوما وفيه قصة معروفة أو نقول ثبت بالكتاب أن الاستحقاق بالقرابة وببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاستحقاق بالنصرة وما كان ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فصار هذا الاستحقاق ثابتا بعلة ذات وصفين القرابة والنصرة وانعدم أحد الوصفين وهو النصرة بعد وفاته فلا يبقى الاستحقاق كما أنه لما انعدم أحد الوصفين في حق بني نوفل وبني عبد شمس في حياته لم يعطهم شيئا فبنو هاشم وبنو المطلب بعد وفاته بمنزلة بني نوفل وبني عبد شمس في حياته وتعليق الاستحقاق بالنصرة أولى منه بالقرابة لأن القيام بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قربة وطاعة ومال الله تعالى يجوز أن يستحق بعمل هو قربة ولا يجوز أن يستحق بنفس القرابة لأن قرابة الرجل سبب لاستحقاق ماله .

فأما مال الله تعالى لا يستحق بالقرابة ولأن درجة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى من أن تجعل علة لاستحقاق شيء من الدنيا ولا معنى لما يقول الخصم أن هذا السهم لهم عوض عن حرمة الصدقة عليهم كما قال صلى الله عليه وسلم { يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وعوضكم منها سهما من الخمس } وهذا لأن حرمة الصدقة عليهم لكرامتهم فلا يدخل به عليهم نقصان يحتاج إلى جبره بالتعويض ولئن كان هذا السهم عوضا من حرمة الصدقة فينبغي أن يستحقه من يستحق الصدقة لولا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الفقراء دون الأغنياء وينبغي أن يكون استحقاقهم على نحو استحقاق الصدقة لولا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحقاقهم للصدقة لولا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه جواز الصرف إليهم لا وجوب الصرف إليهم فكذلك هذا السهم ونحن نقول إنه يجوز صرف بعض الخمس إليهم وإنما ننكر وجوب الصرف إليهم بسبب القرابة وأيد جميع [ ص: 14 ] ما قلنا حديث أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم { قال سهم ذوي القربى لهم في حياتي وليس لهم بعد وفاتي } والحديث وإن كان شاذا فقد تأكد بإجماع الخلفاء الراشدين على العمل به وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان يحمل من الخمس في سبيل الله تعالى ويعطي منه نائبة القوم فلما كثر المال جعل في غير ذلك وإنما أراد به ما كان يصرف من الخمس إلى ذوي القربى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكر بعد هذا عن الضحاك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه استشار المسلمين في سهم ذوي القربى فرأوا أن يجعل في الخيل والسلاح وفي هذا بيان أنهم كانوا مجمعين على أنه لا استحقاق لهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن استحقاقهم في حياته كان للنصرة ألا ترى أنهم جعلوا مصرفه آلة النصرة وهي الخيل والسلاح ، وقوله ويعطي منه نائبة القوم قيل المراد بالقوم : ذوي القربى كما قال في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عرض علينا عمر رضي الله عنه أن يزوج منه أيمنا ويقضي منه عن مغرمنا وقيل المراد بالقوم الغزاة أي يعطي منه ما يحتاج إليه الغزاة في سبيل الله تعالى ومعلوم أن الصرف إلى المستحق المحتاج أولى من الصرف إلى محتاج غير مستحق وقوله فلما كثر المال جعل في غير ذلك تعرض لبعض من كان لا يصرفه في وقته يعني كثرة الإجماع فيه فمع كثرة المال لا يصل إلى المصرف الذي كان يصل إليه عند قلة المال .

التالي السابق


الخدمات العلمية