الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وأما خيبر فإنه افتتح الأرض وجرى فيها حكمه فكانت القسمة فيها بمنزلة القسمة في المدينة وقسم الغنائم فيها قبل أن يخرج منها ففي هذا دليل أن الإمام إذا افتتح بلدة وصيرها دار إسلام بإجراء أحكام الإسلام فيها فإنه يجوز له أن يقسم الغنائم فيها ، وقد طال مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد الفتح وأجرى أحكام الإسلام فيها فكانت من دار الإسلام القسمة فيها كالقسمة في غيرها من بقاع دار الإسلام .

( قال ) : وقسم غنائم بني المصطلق في ديارهم وكان قد افتتحها يعني صيرها دار الإسلام ودل على ذلك حديث مكحول قال { : ما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم إلا في دار الإسلام } وفي هذا دليل على أنها لا تقسم في دار الحرب لأن الأفعال المتفقة في الأوقات المختلفة لا تكون إلا على صفة واحدة إلا لداع يدعو إليها وليس ذلك إلا لكراهة القسمة في دار الحرب وذكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس سهمين والراجل سهما يوم بدر } وإنما كان يوم بدر مع المسلمين فرسان وسبعون بعيرا ففي هذا دليل أنه يسهم للفرس دون غيره من البهائم وهذا لأن الإرهاب الذي يحصل بالخيل لا يحصل بغيره قال الله تعالى { ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } وفيه دليل أنه يسهم للفرس سهم واحد وهو حجة لأبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنهما يقولان : للفرس سهمان وللرجل سهم واحد وقد ورد به بعض الآثار ولكن رجح أبو حنيفة رحمه الله تعالى حديث ابن عباس رضي الله عنهما في غنائم بدر قال : السهم الواحد متيقن به لاتفاق الآثار وما زاد عليه مشكوك فيه لاشتباه الآثار فلا أعطينه إلا المتيقن ولا أفضل بهيمة على آدمي وسنقرره في موضعه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية