تنبيهات .
الأول : لا خلاف أن
nindex.php?page=treesubj&link=29586كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه ، وأما في محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققي أهل السنة ، للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله ; لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم ، مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله ، فما نقل آحادا ولم يتواتر ، يقطع بأنه ليس من القرآن قطعا .
وذهب كثير من الأصوليين : إلى أن التواتر شرط في ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله ، وليس بشرط في محله ووضعه وترتيبه ، بل يكثر فيها نقل الآحاد .
[ ص: 264 ] قيل : وهو الذي يقتضيه صنع
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في إثبات البسملة من كل سورة .
ورد هذا المذهب بأن الدليل السابق يقتضي التواتر في الجميع ، ولأنه لو لم يشترط لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر وثبوت كثير مما ليس بقرآن ، أما الأول : فلأنا لو لم نشترط التواتر في المحل جاز أن لا يتواتر كثير من المكررات الواقعة في القرآن ، مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 13 ] . وأما الثاني : فلأنه إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل ، جاز إثبات ذلك البعض في الموضع بنقل الآحاد .
وقال
القاضي أبو بكر في " الانتصار " : ذهب قوم من الفقهاء والمتكلمين إلى إثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة ، وكره ذلك أهل الحق وامتنعوا منه .
[ ص: 265 ] وقال قوم من المتكلمين : إنه يسوغ إعمال الرأي والاجتهاد في إثبات قراءة وأوجه وأحرف ; إذا كانت تلك الأوجه صوابا في العربية وإن لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بها . وأبى ذلك أهل الحق ، وأنكروه ، وخطئوا من قال به . انتهى .
وقد بنى المالكية وغيرهم ممن قال
nindex.php?page=treesubj&link=28971_20762بإنكار البسملة قولهم على هذا الأصل ، وقرروه بأنها لم تتواتر في أوائل السور ، وما لم يتواتر فليس بقرآن .
وأجيب من قبلنا بمنع كونها لم تتواتر ، فرب متواتر عند قوم دون آخرين ، وفي وقت دون آخر ، ويكفي في تواترها إثباتها في مصاحف الصحابة فمن بعدهم بخط المصحف ، مع منعهم أن يكتب في المصحف ما ليس منه ، كأسماء السور ، وآمين ، والأعشار ;فلو لم تكن قرآنا لما استجازوا إثباتها بخطه من غير تمييز ; لأن ذلك يحمل على اعتقادها ، فيكونون مغررين بالمسلمين ، حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا ، وهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة .
فإن قيل : لعلها أثبتت للفصل بين السور ; أجيب : بأن هذا فيه تغرير ، ولا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل ; ولو كانت له لكتبت بين " براءة " والأنفال .
ويدل لكونها قرآنا منزلا : ما أخرجه
أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ( 2 ) . . . . الحديث ; وفيه : وعد nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم آية ، ولم يعد عليهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة والبيهقي في " المعرفة " بسند صحيح من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : استرق الشيطان من الناس أعظم آية من القرآن :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
وأخرج
البيهقي في الشعب ،
وابن مردويه - بسند حسن - من طريق
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : أغفل الناس آية من كتاب الله ، لم تنزل على أحد سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يكون
سليمان بن داود :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
[ ص: 266 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط بسند ضعيف ، عن
بريدة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979649لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري ، ثم قال : بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ، قلت : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم قال : هي هي .
وأخرج
أبو داود ،
والحاكم ،
والبيهقي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979650كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
زاد
البزار : فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت واستقبلت ، أو ابتدئت سورة أخرى .
وأخرج
الحاكم من وجه آخر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت . إسناده على شرط الشيخين .
وأخرج الحاكم - أيضا - من وجه آخر ، عن
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جاءه
جبريل فقرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم علم أنها سورة . إسناده صحيح .
[ ص: 267 ] وأخرج
البيهقي في الشعب وغيره : عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : كنا لا نعلم فصلا بين السورتين ، حتى تنزل
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
قال
أبو شامة : يحتمل أن يكون ذلك وقت عرضه - صلى الله عليه وسلم - على
جبريل ، كان لا يزال يقرأ في السورة إلى أن يأمره
جبريل بالتسمية ، فيعلم أن السورة قد انقضت . وعبر - صلى الله عليه وسلم - بلفظ النزول إشعارا بأنها قرآن في جميع أوائل السور . ويحتمل أن يكون المراد أن جميع آيات كل سورة كانت تنزل قبل نزول البسملة ، فإذا كملت آياتها ، نزل
جبريل بالبسملة واستعرض السورة ، فيعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قد ختمت ، ولا يلحق بها شيء .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة ،
والبيهقي - بسند صحيح - ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : السبع المثاني : فاتحة الكتاب .
قيل : فأين السابعة ؟ .
قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بسند صحيح : عن
علي : أنه سئل عن السبع المثاني ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ( 2 ) ، فقيل : له : إنما هي ست آيات ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم آية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وأبو نعيم والحاكم في تاريخه - بسند ضعيف - عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم .
وأخرج
الواحدي من وجه آخر : عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة .
[ ص: 268 ] وأخرج
البيهقي من وجه ثالث ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه كان يقرأ في الصلاة
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم وإذا ختم السورة قرأها ، ويقول : ما كتبت في المصحف إلا لتقرأ .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني - بسند صحيح - ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إذا قرأتم " الحمد " فاقرءوا nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن ، وأم الكتاب والسبع المثاني ، و nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها .
وأخرج
مسلم ، عن
أنس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979652بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما ، فقال : أنزلت لي آنفا سورة فقرأ : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إنا أعطيناك الكوثر ( 1 ) . الحديث .
فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي بكونها قرآنا منزلا في أوائل السور .
ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره
الإمام فخر الدين ، قال : نقل في بعض الكتب القديمة أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن ، وهو في غاية الصعوبة لأنا إن قلنا : إن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة يكون ذلك من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر .
[ ص: 269 ] وإن قلنا : لم يكن حاصلا في ذلك الزمان ، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل .
قال : وإلا غلب على الظن أن نقل هذا المذهب ، عن
ابن سعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص ، عن هذه العقدة .
وكذا قال
القاضي أبو بكر : لم يصح عنه أنها ليست من القرآن ولا حفظ عنه . إنما حكها وأسقطها من مصحفه إنكارا لكتابتها ، لا جحدا لكونها قرآنا ; لأنه كانت السنة عنده ألا يكتب في المصحف إلا ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإثباته فيه ، ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمر به .
وقال
النووي في شرح المهذب : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد منها شيئا كفر ، وما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود باطل ليس بصحيح .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في المحلى : هذا كذب على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وموضوع ، وإنما صح عنه قراءة
عاصم ، عن
زر ، عنه ، وفيها المعوذتان والفاتحة .
وقال
ابن حجر في شرح البخاري : قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إنكار ذلك ، فأخرج
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه .
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زيادات المسند
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وابن مردويه : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16350عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله .
وأخرج
البزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من وجه آخر عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979653أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ، ويقول : إنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ بهما وكان
عبد الله لا يقرأ بهما . أسانيده صحيحة .
[ ص: 270 ] قال
البزار : ولم يتابع
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في الصلاة .
قال
ابن حجر : فقول من قال : إنه كذب عليه مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل ، بل الروايات صحيحة والتأويل محتمل .
قال : وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق .
قال : وهو تأويل حسن ; إلا أن الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها : ( ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله ) .
قال : ويمكن حمل لفظ ( كتاب الله ) على المصحف ، فيتم التأويل المذكور .
قال : لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة ، استبعد هذا الجمع .
قال : وقد أجاب
ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك ، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك ، وحاصله أنهما كانتا متواترتين في عصره ، لكنهما لم يتواترا عنده . انتهى .
وقال
ابن قتيبة في " مشكل القرآن " : ظن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ بهما
الحسن والحسين ، فأقام على ظنه ، ولا نقول : إنه أصاب في ذلك وأخطأ
المهاجرون والأنصار .
قال : وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه ، فليس لظنه أنها ليست من القرآن ، معاذ الله ! ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان ، ورأى أن ذلك مأمون في سورة الحمد ، لقصرها ووجوب تعلمها على كل واحد .
قلت : وإسقاطه الفاتحة من مصحفه ، أخرجه أبو عبيد بسند صحيح ، كما تقدم في أوائل النوع التاسع عشر .
تَنْبِيهَاتٌ .
الْأَوَّلُ : لَا خِلَافَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29586كُلَّ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ ، وَأَمَّا فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَقِّقِي أَهْلِ السُّنَّةِ ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِالتَّوَاتُرِ فِي تَفَاصِيلِ مِثْلِهِ ; لِأَنَّ هَذَا الْمُعْجِزَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِ جُمَلِهِ وَتَفَاصِيلِهِ ، فَمَا نُقِلَ آحَادًا وَلَمْ يَتَوَاتَرْ ، يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ قَطْعًا .
وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ : إِلَى أَنَّ التَّوَاتُرَ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ أَصْلِهِ ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ ، بَلْ يَكْثُرُ فِيهَا نَقْلُ الْآحَادِ .
[ ص: 264 ] قِيلَ : وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صُنْعُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْبَسْمَلَةِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ .
وَرُدَّ هَذَا الْمَذْهَبُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ السَّابِقَ يَقْتَضِي التَّوَاتُرَ فِي الْجَمِيعِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَجَازَ سُقُوطُ كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْمُكَرَّرِ وَثُبُوتُ كَثِيرٍ مِمَّا لَيْسَ بِقُرْآنٍ ، أَمَّا الْأَوَّلُ : فَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَشْتَرِطِ التَّوَاتُرَ فِي الْمَحَلِّ جَازَ أَنْ لَا يَتَوَاتَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُكَرَّرَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ ، مِثْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [ الرَّحْمَنِ : 13 ] . وَأَمَّا الثَّانِي : فَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَوَاتَرْ بَعْضُ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ الْمَحَلِّ ، جَازَ إِثْبَاتُ ذَلِكَ الْبَعْضِ فِي الْمَوْضِعِ بِنَقْلِ الْآحَادِ .
وَقَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " الِانْتِصَارِ " : ذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى إِثْبَاتِ قُرْآنٍ حُكْمًا لَا عِلْمًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَقِّ وَامْتَنَعُوا مِنْهُ .
[ ص: 265 ] وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ : إِنَّهُ يَسُوغُ إِعْمَالُ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِي إِثْبَاتِ قِرَاءَةٍ وَأَوْجُهٍ وَأَحْرُفٍ ; إِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَوْجُهُ صَوَابًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِهَا . وَأَبَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحَقِّ ، وَأَنْكَرُوهُ ، وَخَطَّئُوا مَنْ قَالَ بِهِ . انْتَهَى .
وَقَدْ بَنَى الْمَالِكِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=28971_20762بِإِنْكَارِ الْبَسْمَلَةِ قَوْلَهُمْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، وَقَرَّرُوهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَتَوَاتَرْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، وَمَا لَمْ يَتَوَاتَرْ فَلَيْسَ بِقُرْآنٍ .
وَأُجِيبُ مِنْ قِبَلِنَا بِمَنْعِ كَوْنِهَا لَمْ تَتَوَاتَرْ ، فَرُبَّ مُتَوَاتِرٍ عِنْدَ قَوْمٍ دُونَ آخَرِينَ ، وَفِي وَقْتٍ دُونَ آخَرَ ، وَيَكْفِي فِي تَوَاتُرِهَا إِثْبَاتُهَا فِي مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِخَطِّ الْمُصْحَفِ ، مَعَ مَنْعِهِمْ أَنْ يُكْتَبَ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ، كَأَسْمَاءِ السُّوَرِ ، وَآمِينَ ، وَالْأَعْشَارِ ;فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا اسْتَجَازُوا إِثْبَاتَهَا بِخَطِّهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى اعْتِقَادِهَا ، فَيَكُونُونَ مُغَرِّرِينَ بِالْمُسْلِمِينَ ، حَامِلِينَ لَهُمْ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ اعْتِقَادُهُ فِي الصَّحَابَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : لَعَلَّهَا أُثْبِتَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّورِ ; أُجِيبَ : بِأَنَّ هَذَا فِيهِ تَغْرِيرٌ ، وَلَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ لِمُجَرَّدِ الْفَصْلِ ; وَلَوْ كَانَتْ لَهُ لَكُتِبَتْ بَيْنَ " بَرَاءَةٌ " وَالْأَنْفَالِ .
وَيَدُلُّ لِكَوْنِهَا قُرْآنًا مُنَزَّلًا : مَا أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 2 ) . . . . الْحَدِيثِ ; وَفِيهِ : وَعَدَّ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً ، وَلَمْ يَعُدَّ عَلَيْهِمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَعْرِفَةِ " بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : اسْتَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنَ النَّاسِ أَعْظَمَ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَأَخْرَجَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ - بِسَنَدٍ حَسَنٍ - مِنْ طَرِيقِ
مُجَاهِدٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَغْفَلَ النَّاسُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، لَمْ تَنْزِلْ عَلَى أَحَدٍ سِوَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنْ يَكُونَ
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
[ ص: 266 ] وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ ، عَنْ
بُرَيْدَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979649لَا أَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى أُخْبِرَكَ بِآيَةٍ لَمْ تَنْزِلْ عَلَى نَبِيٍّ بَعْدَ سُلَيْمَانَ غَيْرِي ، ثُمَّ قَالَ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَفْتَتِحُ الْقُرْآنَ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ ، قُلْتُ : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ : هِيَ هِيَ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو دَاوُدَ ،
وَالْحَاكِمُ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979650كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ عَلَيْهِ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
زَادَ
الْبَزَّارُ : فَإِذَا نَزَلَتْ عَرَفَ أَنَّ السُّورَةَ قَدْ خُتِمَتْ وَاسْتَقْبَلَتْ ، أَوِ ابْتُدِئَتْ سُورَةٌ أُخْرَى .
وَأَخْرَجَ
الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَعْلَمُونَ انْقِضَاءَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَإِذَا نَزَلَتْ عَلِمُوا أَنَّ السُّورَةَ قَدِ انْقَضَتْ . إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ .
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ - أَيْضًا - مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
سَعِيدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا جَاءَهُ
جِبْرِيلُ فَقَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلِمَ أَنَّهَا سُورَةٌ . إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ .
[ ص: 267 ] وَأَخْرَجَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَغَيْرُهُ : عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كُنَّا لَا نَعْلَمُ فَصْلًا بَيْنَ السُّورَتَيْنِ ، حَتَّى تَنْزِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
قَالَ
أَبُو شَامَةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقْتَ عَرْضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
جِبْرِيلَ ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْرَأُ فِي السُّورَةِ إِلَى أَنْ يَأْمُرَهُ
جِبْرِيلُ بِالتَّسْمِيَةِ ، فَيَعْلَمُ أَنَّ السُّورَةَ قَدِ انْقَضَتْ . وَعَبَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ النُّزُولِ إِشْعَارًا بِأَنَّهَا قُرْآنٌ فِي جَمِيعِ أَوَائِلِ السُّوَرِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ كَانَتْ تَنْزِلُ قَبْلَ نُزُولِ الْبَسْمَلَةِ ، فَإِذَا كَمُلَتْ آيَاتُهَا ، نَزَلَ
جِبْرِيلُ بِالْبَسْمَلَةِ وَاسْتَعْرَضَ السُّورَةَ ، فَيَعْلَمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَدْ خُتِمَتْ ، وَلَا يُلْحَقُ بِهَا شَيْءٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ - بِسَنَدٍ صَحِيحٍ - ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : السَّبْعُ الْمَثَانِي : فَاتِحَةُ الْكِتَابِ .
قِيلَ : فَأَيْنَ السَّابِعَةُ ؟ .
قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ : عَنْ
عَلِيٍّ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السَّبْعِ الْمَثَانِي ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 2 ) ، فَقِيلَ : لَهُ : إِنَّمَا هِيَ سِتُّ آيَاتٍ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ - بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ - عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ كَانَ جِبْرِيلُ إِذَا جَاءَنِي بِالْوَحْيِ أَوَّلُ مَا يُلْقِي عَلَيَّ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَأَخْرَجَ
الْوَاحِدِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ : عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي كُلِّ سُورَةٍ .
[ ص: 268 ] وَأَخْرَجَ
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِذَا خَتَمَ السُّورَةَ قَرَأَهَا ، وَيَقُولُ : مَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا لِتُقْرَأَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ - بِسَنَدٍ صَحِيحٍ - ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
إِذَا قَرَأْتُمِ " الْحَمْدُ " فَاقْرَءُوا nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ ، وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِحْدَى آيَاتِهَا .
وَأَخْرَجَ
مُسْلِمٌ ، عَنْ
أَنَسٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979652بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا ، فَقَالَ : أُنْزِلَتْ لِي آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ : nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ( 1 ) . الْحَدِيثَ .
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُعْطِي التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ بِكَوْنِهَا قُرْآنًا مُنَزَّلًا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ .
وَمِنَ الْمُشْكِلِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَا ذَكَرَهُ
الْإِمَامُ فَخَرُ الدِّينِ ، قَالَ : نُقِلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُنْكِرُ كَوْنَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذِتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا : إِنَّ النَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ كَانَ حَاصِلًا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَإِنْكَارُهُ يُوجِبُ الْكُفْرَ .
[ ص: 269 ] وَإِنْ قُلْنَا : لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، فَيَلْزَمُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ فِي الْأَصْلِ .
قَالَ : وَإِلَّا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ نَقْلَ هَذَا الْمَذْهَبِ ، عَنِ
ابْنِ سُعُودٍ نَقْلٌ بَاطِلٌ ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْخَلَاصُ ، عَنْ هَذِهِ الْعُقْدَةِ .
وَكَذَا قَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا حُفِظَ عَنْهُ . إِنَّمَا حَكَّهَا وَأَسْقَطَهَا مِنْ مُصْحَفِهِ إِنْكَارًا لِكِتَابَتِهَا ، لَا جَحْدًا لِكَوْنِهَا قُرْآنًا ; لِأَنَّهُ كَانَتِ السُّنَّةُ عِنْدَهُ أَلَّا يُكْتَبَ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا مَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِثْبَاتِهِ فِيهِ ، وَلَمْ يَجِدْهُ كَتَبَ ذَلِكَ وَلَا سَمِعَهُ أَمَرَ بِهِ .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مِنْهَا شَيْئًا كَفَرَ ، وَمَا نُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ بَاطِلٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى : هَذَا كَذِبٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَوْضُوعٌ ، وَإِنَّمَا صَحَّ عَنْهُ قِرَاءَةُ
عَاصِمٍ ، عَنْ
زِرٍّ ، عَنْهُ ، وَفِيهَا الْمُعَوِّذَتَانِ وَالْفَاتِحَةُ .
وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ : قَدْ صَحَّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ إِنْكَارُ ذَلِكَ ، فَأَخْرَجَ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ : مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16350عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ ، قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ ، وَيَقُولُ : إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ .
وَأَخْرَجَ
الْبَزَّارُ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979653أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ ، وَيَقُولُ : إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتَعَوَّذَ بِهِمَا وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ لَا يَقْرَأُ بِهِمَا . أَسَانِيدُهُ صَحِيحَةٌ .
[ ص: 270 ] قَالَ
الْبَزَّارُ : وَلَمْ يُتَابِعِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ .
قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ : فَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ كَذِبٌ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ ، وَالطَّعْنُ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ لَا يُقْبَلُ ، بَلِ الرِّوَايَاتُ صَحِيحَةٌ وَالتَّأْوِيلُ مُحْتَمَلٌ .
قَالَ : وَقَدْ أَوَّلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى إِنْكَارِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَبَقَ .
قَالَ : وَهُوَ تَأْوِيلٌ حَسَنٌ ; إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّرِيحَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فِيهَا : ( وَيَقُولُ : إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ) .
قَالَ : وَيُمْكِنُ حَمْلُ لَفْظِ ( كِتَابِ اللَّهِ ) عَلَى الْمُصْحَفِ ، فَيَتِمُّ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ .
قَالَ : لَكِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ سِيَاقَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ ، اسْتَبْعَدَ هَذَا الْجَمْعَ .
قَالَ : وَقَدْ أَجَابَ
ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ الْقَطْعُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا كَانَتَا مُتَوَاتِرَتَيْنِ فِي عَصْرِهِ ، لَكِنَّهُمَا لَمْ يَتَوَاتَرَا عِنْدَهُ . انْتَهَى .
وَقَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةُ فِي " مُشَكِلِ الْقُرْآنِ " : ظَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَوِّذُ بِهِمَا
الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ، فَأَقَامَ عَلَى ظَنِّهِ ، وَلَا نَقُولُ : إِنَّهُ أَصَابَ فِي ذَلِكَ وَأَخْطَأَ
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .
قَالَ : وَأَمَّا إِسْقَاطُهُ الْفَاتِحَةَ مِنْ مُصْحَفِهِ ، فَلَيْسَ لِظَنِّهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ ، مَعَاذَ اللَّهِ ! وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا كُتِبَ وَجُمِعَ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ مَخَافَةَ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مَأْمُونٌ فِي سُورَةِ الْحَمْدُ ، لِقِصَرِهَا وَوُجُوبِ تَعَلُّمِهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ .
قُلْتُ : وَإِسْقَاطُهُ الْفَاتِحَةَ مِنْ مُصْحَفِهِ ، أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ النَّوْعِ التَّاسِعَ عَشَرَ .