الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولزم إجازة الوارث ) ليس مراده أنه يلزمه أن يجيز وإنما مراده أن الوارث إذا أجاز وصية مورثه قبل موته فيما له رده بعده كما لو كانت لوارث أو أكثر من الثلث فتلزمه الإجازة ليس له رجوع بعد ذلك فيما أجازه متمسكا بأنه التزام شيء قبل وجوبه وإنما تلزمه الإجازة بشروط أولها كون الإجازة ( بمرض ) للموصي أي فيه سواء كانت الوصية فيه أو في الصحة ولا بد من كون المرض مخوفا كما يؤخذ من الشرط الثاني وهو قوله ( لم يصح ) الموصي ( بعده ) فإن أجازه في صحته أو في مرض صح منه صحة بينة ثم مرض ومات لم يلزم الوارث ما أجازه وأشار لثالث الشروط وهو أن لا يكون معذورا بقوله ( إلا لتبين عذر ) للوارث في الإجازة ( بكونه ) أي الوارث ( في نفقته ) أي الموصي فأجاز مخافة قطعها عنه ( أو ) لأجل ( دينه ) الذي له عليه ( أو ) لخوف ( سلطانه ) أي الموصي فأجاز مخافة سطوته عليه ، الشرط الرابع أن لا يكون المجيز ممن يجهل أن له الرد والإجازة وأشار له بقوله ( إلا أن يحلف من يجهل مثله ) لزوم إجازته كمن شأنه التباعد عن أهل العلم ( أنه جهل أن له الرد ) معمول يحلف فهو صفة يمينه أي يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أني لا أعلم حين إجازتي أن لي الرد أي لاعتقادي أن ما أوصى به الموصي أمر لازم فإن حلف لم تلزمه الإجازة وله الرد فإن نكل لزمته كالذي يعلم أنه لا وصية لوارث وأنها في الثلث بالشروط المتقدمة [ ص: 438 ] وأن له الإجازة والرد ولا يقبل منه يمين وبقي شرط خامس وهو أن يكون المجيز مكلفا بلا حجر وذكر مفهوم الشرط الأول ليرتب عليه المبالغة بقوله ( لا ) إن أجاز الوارث ( بصحة ) للموصي فلا تلزمه الإجازة ( ولو ) وقعت ( بكسفر ) أو مرض خفيف أو سجن ( والوارث ) الموصى له بصحة أو مرض ( يصير ) حال الموت ( غير وارث ) بحجبه بمن هو أقرب منه كأخ يحجب بحدوث ابن أو لزوال سبب أو شرط كالزوجة تطلق بائنا ( وعكسه ) أي غير الوارث يصير وارثا كوصيته لامرأة أجنبية ثم تزوجها ( المعتبر مآله ) أي ما يئول إليه الحال في الصورتين فإذا مات الموصي صحت في الأولى وبطلت في الثانية ( ولو لم يعلم ) الموصي بصيرورة الوارث غير وارث ، فالمبالغة راجعة للصورة الأولى قصد بها رد قول ابن القاسم في المرأة توصي لزوجها ثم يطلقها ألبتة فإن علمت بطلاقها قبل موتها ولم تغير فالوصية جائزة وإن لم تعلم فلا شيء له ولا يصح رجوعها للثانية لعدم وجود الخلاف فيها .

التالي السابق


( قوله ليس مراده أنه ) أي الوارث يلزمه أن يجيز وصية مورثه .

( قوله فتلزمه الإجازة ) ظاهره مطلقا سواء تبرع الوارث بها بأن أجاز قبل أن يطلبها منه الموصي أو طلبها منه الموصي وهو ما ذهب إليه غير واحد من شيوخ عبد الحق واختاره بعض الصقليين وقال بعض القرويين إن أجاز الوارث قبل أن يطلبها منه الموصي لم يكن له رجوع مطلقا كان في عيال الموصي أو لم يكن في عياله وإن أجاز بعد أن طلب الموصي منه الإجازة كان له الرجوع وإليه نحا ابن يونس انظر بن .

( قوله وليس له رجوع بعد ذلك ) أي بعد موت الموصي .

( قوله بم يصح بعده ) أي بعد ذلك المرض الذي أجاز فيه الوارث .

( قوله لم يلزم الوارث ما أجازه ) أي في الصحة أو في المرض الأول .

( قوله أن لا يكون معذورا ) أي فإن كان الوارث معذورا فلا تلزم إجازته .

( قوله في نفقته ) أي سواء كانت واجبة أو متطوعا بها .

( قوله أو لأجل دينه ) أي فيخاف أن يطالبه به ويسجنه إذا لم يجز .

( قوله أن لا يكون المجيز ممن يجهل أن له الرد والإجازة ) أي فإن كان ممن يجهل ذلك لم تلزمه الإجازة وكان له الرد إن حلف أنه يجهل أن له رد تلك الوصية وأنه إنما أجازها لاعتقاده لزومها له .

( قوله معمول إلخ ) خبر لمحذوف أي هذا معمول يحلف والمشار إليه قول المصنف إن جهل إلخ ( قوله كالذي يعلم إلخ ) أي كما أنها تلزم بالشروط المتقدمة الذي يعلم إلخ .

( قوله وأنها في الثلث ) أي وإن علم أن الوصية إنما تكون في الثلث [ ص: 438 ] لا في زائد عليه .

( قوله وأن له ) أي ويعلم أن للوارث إجازة الوصية للوارث وبزائد الثلث وله ردها .

( قوله وبقي شرط خامس إلخ ) قد يقال هو المأخوذ من قول المصنف ولزم إجازة الوارث ; لأن اللزوم إنما يكون للرشيد .

( قوله لا بصحة ) هذا قول مالك في الموطأ والعتبية قال لا يلزمهم ذلك ; لأنهم أذنوا في وقت لا منع لهم فيه أبو عمر هذا هو المشهور من المذهب وخرج ابن الحاج في نوازله عليه إن رد ما أوصى له به في صحة الموصي ثم قبله بعد موته صح قبوله ; لأنه لم تجب له الوصية إلا بموت الموصي ا هـ بن .

( قوله فلا تلزمه الإجازة ) أي سواء كانت الوصية لوارث أو لأجنبي بأكثر من الثلث وإذ كانت تلك الإجازة الواقعة في الصحة لا تلزم فللوارث الرد بعد موت الموصي ولا عبرة بقول الموثق واطلع الوارث على ذلك وأجازه .

( قوله ولو بكسفر ) هذا قول ابن وهب قال أصبغ وهو الصواب خلافا لابن القاسم في العتبية ( قوله ما يئول إليه الحال ) أي حال الموصى له عند موت الموصي فإن آل أمر الموصى له عند موت الموصي لكونه غير وارث نفذت الوصية له وإن آل أمره لكونه وارثا عند موت الموصي بطلت الوصية له .

( قوله فلا شيء له ) كذا قال ابن القاسم وهو ضعيف والمعتمد نفوذ الوصية سواء علمت بطلاقها قبل موتها ولم تغير الوصية أو لم تعلم .

( قوله لعدم وجود الخلاف فيها ) بل بطلان الوصية فيها باتفاق فإذا كان له ابن وأوصى لأخيه ثم مات الابن فصار الأخ وارثا بطلت الوصية باتفاق سواء علم الموصي بموت ابنه ولم يغير الوصية أو لم يعلم بموته




الخدمات العلمية