الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا كان جص بين دارين يدعيه كل واحد من صاحبي الدارين والقمط إلى أحدهما قضي به بينهما نصفان في قول أبي حنيفة رحمه الله ، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يقضى لمن عليه القمط واستدل بحديث دهثم بن قران { أن رجلين اختصما في جص فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ليقضي بينهما فقضى بالجص لمن إليه القمط ، ثم أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصوبه } وأبو حنيفة رحمه الله احتج فقال نفس القمط متنازع فيه فلا يجوز أن يجعل ذلك دليل الملك لأحدهما وهو المتنازع فيه بعينه ; ولأن الإنسان قد يتخذ جصا ويجعل القمط إلى جانب جاره ليكون جانبه مستويا فيطينه ويجصصه ، وتأويل الحديث أن صاحب القمط أقام البينة حين تحاكما فقضى له حذيفة رضي الله عنه بالبينة ، وذكر القمط على سبيل التعريف كما يقال قضى لصاحب العمامة والطيلسان .

وكذلك لو اختلفا في حائط ووجهه إلى أحدهما وظهره إلى الآخر فهو بينهما عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يقضي لمن كان إليه ظهر البناء ، وأنصاف اللبن ; لأن العادة أن الإنسان يجعل ظهر البناء إلى جانب نفسه ليكون مستويا وأبو حنيفة رحمه الله يقول : هذه العادة مشتركة قد يجعلها إلى جانب جاره ، وقد يجعلها إلى الطريق فلا يكون ذلك دليل انعدام ملكه في الحائط [ ص: 91 ]

وكذلك إن كانت الطاقات إلى أحدهما فالحاصل أن ظهر البناء كله متنازع فلا يمكن جعله دليلا للحكم به لأحدهما

التالي السابق


الخدمات العلمية