الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ولو كانت الدعوى في غزل بين امرأتين يقضى به للذي هو في يديها ; لأن القطن لا يغزل إلا مرة فكان هذا في معنى النتاج وبهذه المسألة استدلوا على أن من غصب قطنا فغزله بملكه فإن المذكور في كتاب الغصب إذا غزله ، ونسجه ، ولم يذكر هذا الفصل ، ولما جعله هنا في معنى النتاج من كل وجه ، والنتاج سبب لأولية الملك في الدابة عرفنا أن الغزل سبب لأولية الملك في المغزول للذي غزله وفي الشعر إذا كان مما ينقض ويغزل يقضى به للمدعي ، وكذلك المرعزى ; لأنه ليس في معنى النتاج ، وكذلك في الحلي يقضى به للمدعي ; لأنه يصاغ مرتين فإن أقاما البينة على خطة الدار قضيت بها للمدعي ; لأن الخطة قد تكون غير مرة فإنه عبارة عن قسمة الإمام عند الفتح يخط لكل واحد من الغانمين خطا في موضع معلوم يملكه ذلك بالقسمة فيكون خطه له ، وهذا قد يكون غير مرة بأن يرتد أهلها وتصير محكومة بأنها دار الشرك لوجود شرائطها ، ثم يظهر عليها المسلمون ثانية فيقسمها الإمام بالخط لكل واحد [ ص: 67 ] منهم كما بينا .

قال ، وإن كانت الدعوى في صوف فأقام كل واحد منهما البينة أن له جزه من غنمه فإنه يقضي به لذي اليد ; لأن الجز لا يكون إلا مرة واحدة ، وكذلك المرعزى والجز والشعر فكان هذا في معنى النتاج فإن ( قيل ) : كيف يكون الجز في معنى النتاج وهو ليس بسبب لأولية الملك فإن الصوف ، وهو على ظهر الشاة كان مملوكا له فكان مالا ظاهرا قبل الجز .

( قلنا ) نعم ، ولكن كان وصفا للشاة ، ولم يكن مالا مقصودا إلا بعد الجز ولهذا لا يجوز بيعه قبل الجز ، وإن ما تنازعا فيه مال مقصود قال ، وإذا كانت الأرض والنخل في يد رجل فأقام آخر البينة أنه نخله ، وأرضه ، وأنه غرس هذا النخل فيها ، وأقام ذو اليد البينة ؟ على مثل ذلك يقضى بها للمدعي ، وكذلك الكروم ، والشجر ; لأن أصل المنازعة في ملك الأرض فإن النخل بمنزلة البيع للأرض حتى يدخل في بيع الأرض من غير ذكر ، وليس لواحد منهما في الأرض معنى النتاج ; ولأن النخل يغرس غير مرة فقد يغرس الثالثة إنسان ، ثم يقلعها غيره ويغرسها فلم يكن في معنى النتاج .

وإن كانت الدعوى في الحنطة ، وأقام كل واحد منهما البينة أنها حنطة زرعها في أرضه قضيت بها للمدعي ; لأن الزرع قد يكون غير مرة فإن الحنطة قد تزرع في الأرض ، ثم يغربل التراب فيميز الحنطة ، ثم تزرع ثانية فلم يكن هذا في معنى النتاج

التالي السابق


الخدمات العلمية